بايجاد الفعل، غاية الأمر أن أمره هذا في ظرف خاص، هو ظرف عصيانه، وذلك أن المفروض تقييد اطلاق الخطاب، لا تقييد المتعلق، فليس محذوره طلب الجمع بين المتناقضيين، ولا ما في نهاية الدراية، من أنه لما كان المفروض كون الأمر علة للفعل، فلو كانت العلة منوطة بعدم الفعل لزم اناطة تأثيرها بعدم تأثيرها.
" انتهى ". إذ قد عرفت أن الأمر بوجوده الخاص به ليس علة، بل محذوره أيضا أنه إذا أنيط بعصيانه فلا يمكن أن يكون العلم به موجبا لحدوث الإرادة في نفس المكلف، إذ هو عالم بأنه لو أتى به لارتفع بارتفاع شرطه، فلا يترتب حينئذ أيضا ما به قوامه.
ورابعا: أن لزوم المحذورين في الاطلاق مبنى على كونه جمعا بين القيود، وقد عرفت أن الحق خلافه.
وخامسا: أن الفعل لا يتأخر عن الأمر، لأنه معلوله، إذ قد عرفت أنه معلول ومتأخر عن العلم به، لا نفسه، فكيف ظنك بالترك والعصيان. نعم، مفهوم العصيان والاطاعة مفهومان يتوقف تحققهما على وجود الأمر، وإلا لما كان لانتزاعهما مجال، فيتأخران عنه تأخر الأمر الانتزاعي عن شرط انتزاعه.
وسادسا: أن طولية الأمرين لا أثر لها في صحة الترتب أصلا، والشاهد عليه، أنه لو اشترط الخطاب بالمهم بإطاعة الأهم كان الأمران مترتبين مع أنه لا شبهة في امتناع اجتماعهما، بل حسم المحذور - لو كان له حاسم - إنما هو بتقييد الأمر بالمهم بترك الأهم، فإنه الدافع المحذور طلب الجمع - لو كان له دافع - سواء كانا طوليين، أم عرضيين، وسواء كان أحدهما أمرا بهدم موضوع الآخر أم لا.
ومنه: تعرف أن هذه المقدمة والمقدمة الثانية التي كالكبرى لهذه المقدمة لا يتوقف عليهما صحة الترتب، وبعد صحة الشرط المتأخر ولزوم القول به هنا كما عرفت لا وقع للمقدمة الثالثة، والمقدمة الأولى، لبيان المحذور المتنازع في لزومه، فالعمدة هي المقدمة الخامسة القائمة باثبات عدم لزوم ايجاب الجمع بين الضدين. هذا.
والمقدمة الخامسة: أنه إذا قيد الأمر بشئ على شرط يرتفع بامتثال أمر آخر