الثانية ان الاطلاق كما أوعزنا إليه وسيوافيك في محله ليس الا كون ما وقع تحت الامر تمام الموضوع للحكم، واما ما ربما يتوهم من أن الاطلاق عبارة عن لحاظ المطلق ساريا في افراده، دارجا في مصاديقه أو مرآة لحالاته، فضعيف غايته، لان سريان الطبيعة في افراده أمر ذاتي على ما حرر في محله، (هذا أولا)، وعدم امكان كون المهية آلة للحاظ تلك الخصوصيات (ثانيا) بل لابد هنا من دال آخر يدل على الكثرة وراء الطبيعة من لفظة كل أو اللام المفيدة للاستغراق، ومعه يصير عموما لا اطلاقا، وبه يظهر ان ما ربما يقال من أن معنى الاطلاق هو كون الشئ بتمام حالاته ولواحقه موضوعا للحكم، وان معنى قوله إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة، هو انه يجب عليك عتقها سواء كانت عادلة أم فاسقة عالمة أم جاهلة، مما لا أصل له، إذ الدخيل في الغرض هو ذات الطبيعة لا حالاتها وقيودها المتصورة، ولذلك قد ذكرنا في محله ان الاطلاق واقع في عداد الدلالات العقلية، أي دلالة فعل المتكلم بما هو فاعل مختار، بحسب العقل على ما افاده هو تمام مقصوده ومحصل غرضه، فعلى ما ذكرنا فاطلاق قوله سبحانه أقم الصلاة الخ على فرض اطلاقه عبارة عن تعلق الحكم بها بلا دخالة لشئ آخر في الموضوع، واطلاق قوله لا يجوز التصرف في مال الغير بلا اذنه عبارة عن كون ذاك العنوان تمام الموضوع للحرمة، فلا يمكن أن يكون الأول ناظرا إلى الصلاة في الدار المغصوبة ولا الثاني إلى التصرف، بمثل الصلاة الثالثة ان اتحاد المهية اللابشرط مع الف شرط في الوجود الخارجي، لا يلزم منه حكاية المعروض عن عارضه إذا كان خارجا من ذاتها ولاحقا بها لان حكاية اللفظ دائرة مدار الوضع منوطة بالعلقة الاعتبارية وهو منتف في المقام واما المعنى والمفهوم اللابشرط فيمتنع أن يكون كاشفا عن مخالفاته بحسب الذات والمفهوم، وان اتحد معها وجودا، الا ترى ان الوجود متحد مع المهية ولا تكشف المهية عن الوجود، والاعراض كلها متحدة مع معروضاتها ولكن البياض لا يكشف عن الانسان، واما الانتقال من أحد المتلازمين إلى الاخر أو من أحد الضدين إلى الاخر فقد مر ان ذلك من باب تداعى المعاني الذي يدور مدار الموافاة الوجودية أو وقوع المطاردة بينهما في محل واحد، ومثل ذلك لا يسمى كشفا ودلالة، و (عليه) فالصلاة وان اتحدت أحيانا مع التصرف في مال الغير بلا اذنه في الخارج لكن لا يمكن أن تكون مرآة له وكاشفة عنه فالاتحاد في الوجود غير الكشف
(٣١١)