السلم وإزالة السواد في الملاك الموجب لتوجيه الأمر الغيري.
نعم، إذا لم يكن السواد شاغلا فمقدمته هذه حاصلة، بل الإزالة غير متصورة، فلا مقدمية لها، ولا معنى للأمر بها، ولعل هذا المعنى كان مراد المحقق الخونساري (قدس سره) وعليه فلا يرد عليه شئ أصلا، نعم، هو لا يجري في الأضداد الغير القارة، أعني ما كان من قبيل الحركات والأفعال كما لا يخفى.
هذا كله حول البحث عن المقدمة الأولى، أعني مقدمية عدم الضد لوجود ضده.
وأما المقدمة الثانية - أعني وجوب مقدمة الواجب - فقد عرفت الكلام فيها مفصلا، وأن الحق عدم وجوبها إلا أنها بحكم الواجب، لوجود ملاك الوجوب الذي به يترتب على الواجب آثاره فيها. فتذكر.
وأما المقدمة الثالثة فقد عرفت عدم وجوب كل مقدمة، ولذلك فقد اخترنا عدم وجوب إرادة الواجب ولا المقدمات الداخلية، وأما هنا ففي نهاية الدراية: أن العدم الأزلي للضد حاصل بنفسه، ولا يوجد ضده إلا وشرطه هذا متحقق، فلا معنى ولا حاجة للبعث إليه، وأما العدم الطاري فإن كان المأمور به مما يتحقق بمجرد إرادته، ولا يتحقق بعد ضده بصرف عدم إرادته، كالأفعال والأعراض القائمة بالشخص، مثل الصلاة، والإزالة، فلا حاجة هنا أيضا إلى البعث نحو العدم، ويكفي البعث نحو نفس الضد المأمور به، إذ الانبعاث منه وإرادته كافية في عدم تحقق ضده ولو كان مشتغلا به وفي أثنائه، وأما إذا كان المأمور به مما لا يتحقق بمجرد إرادته كما إذا أمر بتبييض محل مشغول بالسواد، حيث إنه يحتاج بعد الإرادة إلى حكه أو غسله الملازم لعدم الضد، لانتقال الأجزاء الصغار المبيضة به، إلا أن حكه أو غسله لما لم يكن بنفسه مقدمة ولا سببا لحصول العدم لعدم معلولية العدم للوجود، فلا دليل على وجوبه ومعه فلا يجب تحصيل العدم. انتهى ملخصا.
أقول: الأمر في العدم الأزلي والأول من قسمي الطاري كما أفاد، فإن الأمر بابقاء العدم الأزلي وتحصيل الطاري وإن كان ممكنا، إلا أنه ما لم ينقلب العدم