تأثير أو اشتراط في التأثير لم يكن تقدم وتأخر. وبالجملة ففي فرض وجود المقتضى والمانع كفرض وجود المانع فقط، الموجود ما فرض موجودا، وغيره ليس بموجود، وإما أن المقتضى موجود، والمانع ليس بموجود، فهنا يتحقق في دار الوجود وجود المعلول والمقتضى، من غير دخالة للعدم.
والحاصل: أن أخذ الإيجاب العدولي مكان السلب التحصيلي، ثم ترتيب أحكام الوجود عليه، وغلبة المسامحات العرفية على المداقات العقلية أوجب التباس الأمر، حتى على من شأنه المداقة العقلية من الفلاسفة العظام " شكر الله سعيهم " وإلا فينبغي أن يكون من البديهيات أن احكام دار التحقق من مختصات المحقق بالذات، أعني الوجود والموجود.
ومع الغض عن ما ذكرنا، والتسوية بين الوجود والعدم في الأحكام، وتسرية شؤون الوجود إلى الأعدام فقد أورد على مقدمية عدم الضد بوجوه، أمتنها وجهان:
الأول: أن مقدمية العدم إنما هي لمكان مانعية وجوده عن تحقق الضد الآخر، ومانعية الشئ عبارة عن منعه المقتضى الموجود بشرائطه عن التأثير، وهذا المنع إنما هو شأن مقتضى الضد وعلته، لا شأنه بنفسه، بداهة أنا إذا أردنا فعلا فإرادة ضده تمنع عنه، لا هو بنفسه، ولذلك فلو كان مقتضيهما متساويين ربما لا يتحقق شئ منهما أصلا، مع أن المفروض قوة الحب والشوق إليه بحيث كان يتحقق لولا مقتضى المضاد، وبالجملة فلا مانعية للضد حتى يثبت المقدمية لعدمه.
وفيه أولا: أن حكم العقل بتقدم العدم لا يتوقف على فعلية المانعية، بل لو فرض كون الشئ بحيث يمنع عن تأثير المقتضى لو لم يمنع عنه قبله شئ آخر لكفى هذا المعنى لحكمه بتقدم عدمه ومقدميته للضد الآخر، ولو لم يتحقق هذا الفرض، بل ولو كان تحققه محالا.
وثانيا: أن تخصيص فعلية المانعية بمقتضى الضد مطلقا ممنوع (1)، فإنه إذا