حكم الآخر، بل غاية الأمر أنه إذا كان حكم أحدهما الوجوب فلا بد وأن لا يكون الآخر محكوما بالحرمة أو الكراهة فإذا كان حكم أحدهما الحرمة فلا بد وأن لا يكون الآخر محكوما بغير الكراهة أو الإباحة، فإنهما في مقام الفعلية لا تجتمعان، بل التحقيق بناء على أن الأحكام قانونية أن المعتبر أن لا يكون الطرف الآخر محكوما بحكم قانوني لزومي خلاف هذا الحكم اللزومي، بل لا بأس به أيضا على ما سيجئ بيانه إن شاء الله تعالى.
بل على مبنى القوم أيضا لا بأس باتصاف الآخر بالإباحة أو الاستحباب فإن مقتضاهما ترخيص المكلف في فعله وتركه بنفسه، بمعنى أنه لا يسأل ولا يعاقب من حيث فعل أو ترك هذا المباح أو المستحب، وهو لا ينافي مسؤوليته وعقابه بلحاظ ملازمه، كما لا يخفى.
وكيف كان فإطلاق كلام الكفاية محل إشكال. هذا.
وأورد عليه سيدنا الأستاذ الأعظم (1) - مد ظله - بأن الترك والعدم لا شئ محض فلا معنى لعده ملازما لشئ حتى يصير محكوما بحكمه.
وفيه: أن العدم وإن لم يكن شيئا بحسب الدقة العقلية، ولذلك فقد نفينا عنه أي دخل في عالم الوجود والتكوين، إلا أن العرف ربما يعتبره ويراه أمرا قبال الوجود والفعل، وبهذا اللحاظ العرفي لا بأس بعده من ملازمات شئ آخر، وجريان الأحكام عليه، كما لا يخفى.
نعم، بناء على ما أفاده - مد ظله - ونبه عليه ذيل الطريقة الأولى: من أن الحيثيات التعليلية موضوعات في الأحكام العقلية، نقول هاهنا: إن لازم اتحاد المتلازمين وجودا في الحكم بحكم العقل ثبوت الحكم على عنوان الملازم، وعليه ففي البيان الثاني يكون ترك كل ضد حراما لانطباق ذاك العنوان عليه، وأما في البيان الأول فعنوان الملازم للواجب وإن انطبق على ترك الأضداد، إلا أنه إنما يفيد وجوبه إلا أن الحكم لما كان على عنوان الملازم فنقيضه المحكوم