علته التامة بنحو العموم المجموعي، إذ هذا المجموع سبب لتحقق مبغوضه الذي يفر عنه، فهنا بغض غيري واحد تعلق بالمجموع من حيث المجموع، فهو حرام بحرمة واحدة، ولازمه انحصار محققه في الجزء الأخير، ولذلك فإن تحققت علة الحرام بقول المولى: يا ليته لم يتحقق إحدى المقدمات لا شئ منها فعلية. فإن كان من المسببات التوليدية فسببه حرام غيري من باب انحصار الجزء الأخير فيه، وإلا فجزؤه الأخير عزم المكلف وحملة نفسه، وقد عرفت آنفا وسابقا أن مثل هذه المقدمات لا يتعلق بها تكليف بعثي ولا زجري.
إلا أن الشيخ الأعظم (قدس سره) - على ما في التقريرات (1) - اختار حرمة المقدمات بنحو العموم الاستغراقي، لكنه - بناء على ما مر منه مفصلا في مقدمة الواجب - لما اعتقد كون موضوع الحكم المقدمي عنوان المقدمة، ورأى احتياجها في وقوعها على وصف الوجوب أو الحرمة إلى أن يقصد المكلف هذا العنوان، ورأى أن قصده إنما هو بقصد التوصل بها إلى ذيها، فلذلك كله قال: بأن الواجب هناك ما قصد التوصل به إلى ذي المقدمة، والحرام هاهنا ما قصد به التوصل إلى ذيها.
وهذا المعنى ظاهر كلامه هناك، وصريحه في ما نحن فيه، وحينئذ فمن العجب أن المحقق صاحب الدرر بنى هذه المقالة - أي حرمة خصوص ما قصد به التوصل مطلقا - على القول بحرمة التجري وأخرجها عن الحرمة المقدمية (2) وتبعه فيه بعض المحققين في بحثه على ما في تقريراته (3) فراجع.
نعم، مبنى مقالته هذه مقدمات كلها ممنوعة كما عرفت من بياناتنا سابقا وآنفا.
وقد فصل في الدرر بين ما كانت مبغوضية الحرام مطلقا وإن صدر بلا إرادة، وما كانت متوقفة على صدوره بالإرادة، ففي الأولى يكون إحدى المقدمات