واستدل عليها أبو الحسن البصري - على ما نقل - بأنه لو لم يجب المقدمة لجاز تركها، وحينئذ فإن بقى الواجب النفسي على وجوبه يلزم التكليف بما لا يطاق، وإلا خرج الواجب المطلق عن كونه كذلك.
وقد بينه وأصلحه وأجاب عنه في التقريرات تفصيلا وفي الكفاية بتلخيصه وتبعهما غيرهما.
والظاهر من الكفاية بل التقريرات أيضا كصريح المقالات أنه لو سلم جواز تركها فعلا شرعا بأن صرح الشارع بإباحتها للزم ما ذكره من أحد المحذورين.
لكن الحق أن أباحتها شرعا لا تستلزم إلا عدم العقاب والمؤاخذة على تركها بما هو تركها، ومعلوم أن اللابدية العقلية لا توجب ترتبهما على تركها، بل على ترك الواجب النفسي بتركها، فالمقدمة وإن كانت حينئذ من المباحات الشرعية إلا أن العقل حاكم بلزوم اختيار فعل هذا المباح حتى لا يقع في مخالفة الواجب النفسي.
فتحصل أن المسلم مما يحكم به الوجدان هو تعلق الحب والإرادة الغيريين بالمقدمات دون البعث والوجوب، إلا أن هذا الحب يترتب عليه كل ما ترتب على الوجوب الناشي منه، بل بحكم العقلاء والعقل جميع ما يترتب على الأحكام إنما هو بملاحظة كشفها عن هذه الإرادة النفسية والطلب النفسي، فهو روح الحكم وحقيقته، فلذلك فاثباته مغن عن إثبات الوجوب.
وكيف كان فهذا كله في المقدمات الخارجية.
وأما الداخلية فهي وإن لم يكن محذور في تعلق الإرادة أو الأمر الغيري بها ثبوتا - على ما مر الكلام فيها تفصيلا - إلا أن الظاهر بمراجعة الوجدان أنها لا يتعلق بها أزيد من الوجوب والإرادة النفسية المنبسطة عليها، بل هو حال كل مركب قائم بغرض واحد نفسي أو غيري - كما مرت إليه الإشارة عند البحث عن شكوك المقدمة الموصلة -.
ثم إنه قد يتوهم التفصيل واختصاص الوجوب بخصوص السبب من