فرض الضد من الأمور القارة كالبياض - مثلا - فأوجده علته في المحل، ثم تحقق مقتضى السواد، فلم يسوده لاشتغاله بالضد، مع فرض أقوائيته من المقتضى الأول، إلا أنه لا شأن له إلا التسويد لا الإزالة، فالوجدان شاهد على أن عدم تأثير هذا المقتضى إنما هو لوجود المانع الشاغل للمحل، وهو وإن كان موجودا في المحل وشاغلا له بتأثير علته، إلا أن العلة لم تمنع مقتضى الآخر بالمباشرة، بل بواسطة مقتضاه أعني السواد الحال في الموضوع.
الثاني: أن مقدميته مستلزم للدور المحال، فهو محال، وقربه في الكفاية بأن وجود الضد موقوف على عدم ضده على الفرض توقف ا لمشروط على شرطه، وهذا العدم - إذا فرض تحقق مقتضى الوجود - موقوف على وجود ضده توقف الممنوع على وجود مانعه. ثم نقل أنه أجيب عنه: بأن توقف العدم غير فعلي ولعله كان محالا، فلا دور، فأجاب عنه بأن توقف الشئ على ما يصلح أن يتوقف على هذا الشئ محال، لاستلزامه امكان الدور.
والظاهر أن مراده من الصلوح الإمكان الوقوعي، ولذلك فقد منع عن هذا الصلوح بدعوى أن المانعية ومقدمية العدم إنما تتوقف على قضية شرطية هي: أنه لو اجتمع المقتضي والضد الآخر لعدم المقتضي بمانعية الضد الموجود، وصدق الشرطية يجتمع مع استحالة تحقق المقدم التي هي عبارة أخرى عن عدم إمكان الصلوح، وبالجملة فمراد المدعى استفاده المانعية والمقدمية من هذه القضية الشرطية، ولا محالة فقد فرض فيها وجود المقتضى والضد الآخر، وادعى ترتب عدم الضد الآخر عليه، واستنتج من هذا الترتب مانعية الضد ومقدمية عدمه، ودفع باستحالة تحقق المقدم الدور المدعى.
والجواب عنه: بأنه راجع إلى انكار المقدمية، إذ هي مستفادة من المانعية المستحيلة التحقق، قد عرفت ما فيه، وأن المقدمية يكفي فيها شأنية المانعية، اللهم إلا أن يمنع هذه الشأنية أيضا كما هو الحق.
وبيانه وتحقيق المقام: أن الأولى بيان الدور بوجه آخر: وهو أنه لا اشكال