الأمر الغيري بملاك التوقف فمتعلقه بنفسه متوقف عليه، فاعتبار قصد الأمر الغيري في متعلقه يؤول إلى كونه بما أنه متعلق للأمر الغيري متعلقا له، وهو مناف لمقتضى ملاكه.
والذي ينبغي أن يقال في دفع الاشكال - وإن أمكن دفعه بوجه آخر أيضا - هو ما يستفاد من الأخبار من أن الطهارات الثلاث مستحبات وعبادات نفسية جعلت مقدمة لأفعال اخر، وبه يندفع كلا الاشكالين، وذلك أنها حينئذ مأمور بها بأمر استحبابي نفسي، فهذا الأمر النفسي ومبدؤه - أعني الإرادة التشريعية النفسية - متعلقان باتيانها بداعي أمرها النفسي وحيث إنها مقدمة واحدة وإن كانت مركبة من أجزاء - فالأمر الغيري مبدؤه - أعني الإرادة الغيرية - متعلقان بإتيانها بداعي ذلك الأمر النفسي. وبعبارة أخرى: متعلقان بإتيان هذه العبادة التي في نفسها عبادة، فمتعلق الأمرين والإرادتين مختلف، فهاهنا أمران وإرادتان لا وجه لانقلابهما أمرا واحدا وجوبيا، أو إرادة شديدة غيرية، بعد اختلاف متعلقيهما، بل لو سلم وحدة المتعلق أيضا فحيث إن ملاك النفسية والغيرية مختلف، فالحب والوجوب المعلول لهما أيضا مختلفان لا بأس باجتماعهما بوصف الاثنينية على موضوع واحد، كما عرفت في البحث عن المقدمات الداخلية.
فتوهم أن ذات العمل أيضا مقدمة تعلقت بها أيضا إرادة غيرية، والمفروض أنها متعلق الإرادة النفسية أيضا، فتتحدان، مما لا يغني، ولا يسمن من جوع، مضافا إلى بطلان التوهم في نفسه أيضا بما مر الإشارة إليه، من أنه إذا كان المقصود الغيري أمرا واحدا مرتبا على مركب ذي أجزاء فيتعلق بهذا المركب إرادة واحدة وأمر واحد غيري، - كما في المقاصد النفسية بعينها - غاية الأمر انبساط الوجوب ومبدؤه على أجزاء المركب أو ذاته وتقيده، ومعلوم أن الوجوب الواحد أو الإرادة الواحدة البسيطة لا معنى لاشتداد بعض منها دون بعضها الآخر، ومضافا إلى أن الذات ليست متعلقة لإرادة مستقلة نفسية، بل هنا إرادة واحدة ووجوب واحد نفسي تعلق بإتيان الوضوء - مثلا - بداعي تعلق هذه الإرادة أو