لما كان شك في براءة ذمته عما تشتغل به، وحصول ذلك العنوان القصدي الواقعي، ومعلوميته في المثال اجمالا، بخلاف ما نحن فيه، إذ المفروض مجهوليته رأسا لا تكون فارقة، بعد اشتراكهما في توجه القصد إلى الواقع بخصوصيته التي عليها، الذي هو الملاك في تحققها، كما لا يخفى.
وأما ما في كلماته - استطرادا - من رد كلام أستاذ الأساتذة وجعل متعلق العلم الاجمالي هو العنوان الجامع فمحل منع سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في محل انسب: وخلاصته أن العلم والإرادة وإن كانا شخصيين رفيقي الوحدة المباينة للتردد، إلا أن قوامهما بوجود متعلقهما في أفق النفس، فلا ضير بأن يتعلق كل منهما بصورة نفسية يكون حكايتها عن الواقع بنحو الترديد، والا فلا شك في أنا في العلم الاجمالي نعلم بوقوع هذه الخصوصية أو تلك لا أنا نعلم بالجامع فقط، ونجهل انطباقه، فهل الأمر فيما إذا علم بأنه إما هذا الكأس متنجس أو أن عليه قضاء الصبح - مثلا - كذلك؟ وبسط الكلام موكول إلى محله.
ولا يذهب عليك أن ما جعله في التقريرات وجها ثانيا في جواب الإشكال غير هذا المنقول عن كتاب الطهارة، بل مبناه على وجوب قصد الأمر فيما لم يعلم فيه وجه توقف ذي المقدمة عليها، وحينئذ فيرد عليه أن صرف عدم العلم بوجه التوقف لا يقتضيه، كما هو مذكور في التقريرات فراجع (1).
ثانيهما: أن وجه اعتبار قصد الطاعة إنما هو توقف حصول الغرض النفسي من ذيها على اتيانها على وجه العبادة وبقصد توقف ذيها عليها، غاية الأمر أنه - بناء على عدم إمكان أخذ القربة في متعلق الأمر وكونه من باب اللابدية - يتوجه الأمر الغيري إلى ذوات هذه الأفعال، وينبه على عدم حصول الغرض منه إلا بقصد القربة. هذا.
ويرد عليه أولا: بعد تسليم المبنى المشار إليه أن قصد الطاعة هنا في المتعلق مما لا محذور فيه، إذ لا بأس بتوقف ذي المقدمة على الوضوء المأتي به بقصد