لحسنة، على مالا يخفى. هذا في الواجبات النفسية.
وأما الواجب الغيري، فقالوا: بعدم استحقاق الثواب ولا العقاب عليه، وأحسن البيانات فيه، هو أنه لما كان بعث المولى فيه بعثا معلوليا ومقدميا، فلذلك إن كان العبد بصدد امتثال الواجب النفسي ذي المقدمة، فلا محالة ينبعث من هذا القصد إلى إتيان المقدمة، من غير تأثير للبعث المعلولي في داعيه، بل كما أن المولى أمر به تبعا فهو أيضا ينظر إليه تبعا، وإلا فالأصيل في نظره هو ذو المقدمة، فلا داعوية إلا له، وإن لم يكن بصدد الامتثال فلا محالة وقهرا لا يقوم بصدد اتيان المقدمة أيضا، فليس للأمر المقدمي الغيري الا التبعية، وامتثال العبد امتثال الواجب النفسي، فكيف يثاب على الواجب الغيري بما هو غيري، وهذا ما رامه المحقق صاحب نهاية الدراية (قدس سره) وهو موافق لما ذكره سيدنا الأستاذ الأعظم - مد ظله - بل أدق منه وحينئذ فمن العجب أنه - مد ظله - يستشكل عليه (قدس سره) ويعيب كلامه، وليس هذا إلا من سرعة المطالعة وجولان الفكر.
لكن الذي أفهمه أنا خلاف ما أفادوه، وذلك أن مسألة الداعوية ليست أمرا صعبا، بل حقيقتها أن يكون للانسان غرض هو بصدد تحصيله بفعله، فإذا كان للعبد هذا الغرض - أعني أطاعة أمر المولى، أي أمر كان، وكان أمر المولى ضالته التي يطلبها حتى يطيعها، من غير خصوصية للنفسي والغيري، فإذا وجد أمرا غيريا فقد وجد ضالته، وما يقوم بغرضه، فلا محالة يستنبط منه مراده، ويأتي بمتعلقه لأنه مأمور به ومطلوب لمولاه، ولا ينافي هذا أن يكون في طريق تحصيل ذي المقدمة، فان هذا أيضا غرض آخر يحصله بفعل واحد، فهو في فعله هذا وصل إلى غرضين، وحصل مطلوبين، كل منهما حسن موجب لاستحقاقه الثواب، من مولاه الكريم تبارك وتعالى.
وكذلك الأمر في جانب العقاب، فان العبد لو كان خبيث النفس يترك المأمور به المقدمي، ويخالفه لأنه مخالفة، فلا ينبغي الشك في استحقاقه بذلك العقاب.
نعم، لا ننكر أنه لو تركه لا بهذا القصد فلا يستحق إلا عقابا واحدا على ترك