غرض المكلف بامتثال واجب من واجبات المولى، ويختار من بينها هذا الواجب الغيري، فيأتي به لوجوبه، من غير قصد للاتيان بذيه أصلا مضافا إلى أنه ربما يكون غافلا عن وجه وجوبه، فيأتي به ثم يلتفت إلى أنه واجب مقدمي. هذا.
وفي التقريرات - في وجه اعتبار قصد التوصل في امتثاله -: أن الواجب هاهنا بحكم العقل هو عنوان المقدمة، فالأمر المقدمي متعلق بهذا العنوان، وامتثال كل أمر لا معنى له - للمكلف الملتفت - إلا إتيان متعلقه بداعي أمره، فلا محالة معنى امتثال الأمر الغيري إنما هو إتيان المقدمة بما هي مقدمة لتعلق أمر المولى بها، وقصد تحقيق عنوان المقدمية عبارة أخرى عن قصد التوصل بها إلى ذيها، كما لا يخفى (1).
وأورد عليه في الكفاية بمنع الصغرى، وأن الواجب هو ذوات المقدمات.
وتحقيق نقضه وإبرامه موكول إلى ما سيأتي إن شاء الله تعالى، والحق أنه وإن سلم الصغرى وسلم كبرى أن امتثال كل أمر إنما هو بالقصد إلى اتيان متعلقه بداعية، لا لاقتضاء نفس المتعلق حتى يرد أنه ليس بقصدي، بل لاقتضاء الامتثال وتقومه به، لكن يرد عليه أن قصد عنوان المقدمة لا يلازم قصد التوصل، وذلك أنه ليس مراد المستدل من عنوان المقدمة، هو المقدمة الفعلية، بمعنى ما يتقدم على ذيها فعلا، حتى تحتاج إلى وجود ذيها قضاء لحق التضايف بين المقدم والمؤخر، كيف وإرادة هذا المعنى مستلزمة لاختصاص الوجوب بخصوص ما يترتب عليها ذو المقدمة، وهو عبارة أخرى عن القول بالمقدمة الموصلة الذي يفر منه المستدل، بل المراد منه معنى يجتمع مع عدم تحقق ذي المقدمة أصلا، فهذا العنوان هو عنوان ما يتوقف عليه ويحتاج إليه ذو المقدمة، وعليه فأي محذور في أن يتعلق قصد المكلف الملتفت بايجاد نفس المتوقف عليه، مع بنائه على عدم ايجاد المتوقف - أعني ذا المقدمة -.
نعم، إذا قلنا: بوجوب خصوص الموصلة من المقدمات سواء كان الواجب