مقيدا، فبعد هذه المقدمات نحن نعلم بوجود إرادة شخصية وبعث شخصي متعلق - بالوضوء، وإن لم نعلم نفسيته وغيريته، والعقل حاكم معه بتنجزه، والإرادة أو البعث المتعلق بالصلاة إرادة وبعث آخر يشك في حدوده فتجري البراءة عنه، ومنه تعرف كيفية بيان الاشكال والجواب عنه في الصورتين الآتيتين.
الصورة الثانية: ما إذا علم بوجوب ذلك الغير، إلا أنه كان مشروطا بشرط لم يحصل بعد، فلم يصر بعد فعليا، وحكموا فيه بالبراءة عن المشكوك الغيرية قبل حصول الشرط المزبور.
والحق فيه كما يعرف مما مر في الشك في اطلاق الواجب واشتراطه، أن يقال:
إنه لو كان هذا الشرط لا يحصل لهذا المكلف أصلا بحيث لا يكلف بذلك الغير - كما في الحائض جميع الوقت مثلا - فالأمر كما ذكر، وأما إذا كان الشرط مما يعلم بحصوله - ولو بالأمارات - فالرجوع إلى البراءة قبل حصول الشرط غير صحيح، إذ بعدما كان أصل الوجوب مسلما، فشموله لما قبل حصول الشرط فيه سعة على المكلف، وليس عليه إلا عقاب واحد، فلا تجري فيه البراءة الشرعية ولا العقلية.
نعم، يمكن الرجوع إلى استصحاب عدم الوجوب إن لم يكن أصل البراءة عن اشتراطه بهذا الوقت المخصوص - أعني زمان حصول الشرط - لكن معه فالاستصحاب وإن كان جاريا، لكنه لا يثبت تقيده بما بعد الوقت، وأصل البراءة ينفي هذا التقيد، بل ولو سلم أن الاستصحاب يثبته فالبراءة بملاحظة جريانها في الحكم الكلي القانوني، وجريان الاستصحاب في الحكم الجزئي، حاكمة عليه.
ثم إنه بعد حصول الشرط كما مر تجري البراءة عن تقيد ذلك الغير بهذا المشكوك، ولا إشكال فيه على ما ذكرنا، وأما على مبنى القوم فالعلم الإجمالي حاصل بمخالفة هذه البراءة للواقع، أو البراءة عن وجوب المشكوك الغيرية قبل الوقت، كما لا يخفى، إلا أنها مخالفة علمية لا عملية فلا بأس بها.
الصورة الثالثة: ما إذا لم يعلم بوجوب ذلك الغير أصلا، وحكمه واضح مما مر مذكور في مسفورات القوم، فراجع.