وحينئذ فما أفاده بعض المحققين في تقرير بحثه (1) كما ذكر في تقرير بعض الأعاظم (قدس سره) (2) وتبعه عليه بعض أجلة تلاميذه (3) سلمه الله تعالى مما لا يمكننا التصديق به.
هذا كله بالنسبة إلى إتيان أجنبي به.
وأما سائر أنحاء إتيانه فالظاهر أن المكلف مكلف بتحقيق العمل بأية وسيلة ونحو أمكنت له، فهو مخير بحكم عقله بين أن يفعله بنفسه، أو يأمر آخر بإتيانه عنه، أولا، والشاهد عليه أنه لو أتى بالمكلف به من أي طريق من هذه الطرق لعد في العرف مطيعا لأمر مولاه مشتغلا بامتثاله، وما ذلك إلا لأن العرف يرى أن المأمور به له هو الجامع بين جميع هذه الأنحاء، وهو إصداره وإيجاده له، سواء كان بنفسه أو بغيره. فما في تقريرات بعض الأعاظم (قدس سره) (4) من أن الجامع ملاكي لا خطابي، فالتخيير شرعي لا عقلي عجيب!
وأعجب منه ما في تقرير بعض المحققين (قدس سره) (5) من عدم تصور التخيير الشرعي أيضا، إذ محصل غرضه نفس فعل الغير الذي ليس تحت اختيار المكلف لا تسبيبه إليه.
وفيه: أن كون فعل الغير صادرا بإرادته واختياره وقيام غرض المولى بنفس فعله مسلم، لكنه لا يمنع عن أن يأمر المولى آخر بتحصيل هذا المحصل لغرضه بأن يأمره بإتيانه أو يستأجره له، فهل ترى إذا تعلق غرض المولى بفعل عبد لولده أو بعض أصحابه ولم يرد أن يأمر بنفسه ذلك العبد، لترفعه عنه أو جهات اخر فهل ترى أمره للولد أو بعض الأصحاب بتحقيق مقصوده الذي هو ذلك الفعل الصادر من العبد ممتنعا؟ حاشا وكلا! بل هو من الامكان بمكان من الوضوح، بل يقع في اليوم كثير منه، وقطعا قد وقع منه (قدس سره) أيضا كثيرا.