بين المركب من أجزاء، والمقيد بشرط.
وأما الثاني: فلأن المحال الموجب للتسلسل إنما هو أن تحتاج الإرادة بذاتها وبما أنها إرادة في تحققها إلى إرادة أخرى، والاختيار إلى اختيار آخر، وأما أن تقع إرادة خاصة في سلسلة علل وجود إرادة أخرى أحيانا فلا محذور فيه، فربما يكون لو خلي الإنسان وطبعه لا يريد شيئا لكنه قد يقوم بصدد إيجاد العزم وتحقق الإرادة إلى أن يحصل لنفسه شوقا أكيدا وإرادة جازمة، مضافا إلى أن ما نحن فيه من قبيل الأمر بإيجاد هدف إلهي، فهو من قبيل الأمر بجعل شئ علة غائية للفعل، لا علة فاعلية والإرادة علة فاعلية لا غائية.
وأما الثالث: فلأن المركب من أجزاء إنما هو نفس تلك الأجزاء وعينها ومتحد بها، بل إنما الاختلاف في التعبير واللفظ، وإلا فالاجزاء هي المركب، لا أن المركب أمر متحصل من الأجزاء، وبعد هذا فالأمر المتعلق بالمركب بعينه قد تعلق بالأجزاء وانبسط عليها، فالصلاة - مثلا - بعينها هي التكبيرة والقراءة والركوع والسجود إلى الآخر، لا أنها شئ وهذه الأشياء شئ آخر، فالأمر بالصلاة لا معنى له إلا الأمر بالتكبيرة والقراءة والركوع والسجود، فلا محالة يدعو هذا الأمر الواحد المنبسط على الأجزاء إليها، لأنه قد تعلق بها، وتعلقه بالصلاة عين تعلقه بها.
فإذا تصور الآمر الأجزاء، وتعلق هذا الأمر المنبسط بها، وتصور قصد إتيانها بداعي هذا الأمر، وجعله قيدا لها أو جزءا في عدادها وعلق الأمر عليها، فلا محالة قد أوجب على المكلف أن يأتي بالصلاة - أعني تلك الأجزاء - بقصد امتثال ذلك الأمر الواحد المنبسط عليها، وليس ولا ملزم لأن يكون الداعي أمرا مستقلا متعلقا بالأجزاء حتى يلزم خلف أو محذور آخر، فأساس الإشكال مبني على لزوم أن يكون الأمر الداعي للعبد مستقلا، والجواب عنه عدم تسليم لزومه، والسند ما بيناه والحمد لله.
هذا كله على فرض تسليم أن تكون القربة هي خصوص قصد الإتيان بالعمل