للأمر بوجوده الخارجي، إلا أنه لا يتوقف عليه، كيف؟ ولازمه أن لا يختلف العلم بالأمر عن الواقع، وهو خلاف الضرورة.
فكلتا المقدمتين ممنوعة.
ومنها: أن اللازم من جعل قصد الأمر داخلا في متعلقه تقدم الشئ على نفسه الذي هو محذور الدور وهذا الوجه هو الذي استند إليه العلامة الميرزا النائيني (قدس سره)، وحاصل تقريبه على ما يستفاد من كلامه: أن تعليق الأمر والوجوب على الفعل المقيد أو المركب من قصد أمره يلزمه فرض تحقق أمر قد تعلق بالفعل، فإن فعل المكلف إذا كان تعلق بما هو خارج عن قدرته - كالصلاة إلى القبلة - فلا بد من فرض وجوده قبل الأمر ليمكن تحقق الفعل من المكلف، فكما أن القبلة يفرض وجودها قبل الأمر فهكذا الأمر في الأمر، وحيث إن الأمر هنا واحد فيلزم محذور تقدم الشئ على نفسه " (1).
والجواب عنه: أن التعلق المذكور للفعل لا يقتضي أزيد من تحقق ذاك الأمر الخارجي بعلله في ظرفه، وأما أن يتحقق قبل الأمر ومن غير ناحية الأمر فلا، وعليه فإذا كان المفروض إنشاء الأمر على عنوان العمل المقيد بقصد الأمر، وليس موضوعه إلا المكلف الواجد لشرائط التكليف، وهو مفروض الوجود، وكان الأمر منبسطا على ذات العمل، ومحققا لإمكان قصد الامتثال فلا يلزم أي محذور أصلا.
وبالجملة: فالتكليف لا تتوقف فعليته إلا على فعلية موضوعه، وهو إنما يوجب تقدم الموضوع على الحكم، وأما متعلق التكليف - أعني فعل المكلف - فنفس كونه متعلقا للتكليف لا يقتضي تقدمه، وتعلقه بأمر خارجي مفروض الوجود لا يقتضي أزيد من تحققه بعلله في ظرف العمل، وهي على الفرض متحققة، فإن ما هو بمنزلة العلة له إنما هو المكلف بشرائطه، وهو مفروض الوجود، كما لا يخفى.