فلا بد من المصير حينئذ إلى حكم الأصل، وهو الفساد، وعدم الصحة، مضافا إلى إمكان ترجيح أدلة النهي عن الغرر، باعتضادها بالاعتبار، ورجحانها عند الأصحاب على أدلة الصحة في كثير من المعاملات المختلفة، كالبيع والإجارة ونحوهما من المعاملات المعروفة.
ولو اختص الجهل بأحدهما، فإن كان المستحق لم يصح الصلح في نفس الأمر - كما مر - إلا أن يعلمه الآخر بالقدر، أو كان المصطلح به بقدر الحق، مع كونه غير متعين، للخبر المعتبر، المنجبر ضعف سنده بتضمنه ابن أبي عمير، المجمع على تصحيح رواياته، مضافا إلى مشاركة الراوي له في الإجماع على تصحيح رواياته، كما حكي (1).
وفيه: رجل يهودي أو نصراني كانت له عندي أربعة آلاف درهم فمات أيجوز لي أن أصالح ورثته ولا أعلمهم كم كان؟ قال: لا يجوز حتى تخبرهم (2).
وعليه يحمل إطلاق الأدلة.
والصحيح: في الرجل يكون عليه الشئ فيصالح عليه، فقال: إذا كان بطيبة نفس من صاحبه فلا بأس (3).
وإطلاق الخبر وإن شمل صورتي وقوع الصلح بمقدار الحق وعدمه، إلا أنه مقيد بالصورة الثانية وكون المصالح به أقل، التفاتا إلى أنه الغالب دون المساوي والزائد. فيرجع فيهما إلى عموم أدلة جواز الصلح.
ويقتصر في تخصيصها بالخبر على الغالب المتيقن منه، دون النادر.
ويختص فساد الصلح فيه بالباطن دون الظاهر لصحته - كما مر - لعدم