العقلاء على ذلك مطلقا.
وما يقال: من أن قاعدة الفراغ قاعدة عقلائية دون قاعدة التجاوز (1) ففي غاية السقوط، لأن المناط لدى العقلاء ليس عنوان الفراغ قطعا، بل لو كان مناط لديهم فليس إلا الغلبة المشار إليها في صدر المبحث، وهذه الغلبة محققة في التجاوز والفراغ بعنوان التجاوز عن المحل، لا الفراغ عن جميع العمل.
فمن شك في الركعة الأخيرة في ركوع الركعة السابقة - لو بنى العقلاء على إتيانه - أو كانت أمارة عقلائية عليه، فإنما هو لأجل أن الفاعل المريد لفراغ ذمته إنما يأتي بما هو وظيفته في محله، فإذا تجاوز عن المحل وشك فيه يكون ما هو المناط محققا، وليس إتيان سائر الأجزاء دخيلا فيه، ولا إتيان جميع المركب، ولا الفراغ منه.
ولو قيل: إن المناط في عدم الاعتناء هو تحقق الفصل الطويل بين محل المشكوك فيه، ومحل حدوث الشك، وهو محقق في قاعدة الفراغ دون التجاوز (2).
يقال له: مع كونه ممنوعا، منقوض طردا وعكسا.
وعلى أي حال: لم يثبت بناء العقلاء على عدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ أو التجاوز، ولم يثبت إلغاء الاحتمال، وترتيب الأثر على هذه الغلبة عند العقلاء، فلا بد من عطف النظر إلى مفاد الأدلة:
فنقول: إنها على طوائف:
منها: ما يكون مفادها هو مجرد الأمر بالمضي، كموثقة محمد بن مسلم (3)، وصحيحته المنقولة في الخلل (4)، وصحيحة إسماعيل بن جابر (5)،