وفيه: أن غاية ما يستفاد من مثل قوله: (شكك ليس بشئ) (1) أنه لا يعتنى به، فيأتي الكلام في أن عدم الاعتناء هل هو على وجه العزيمة أو الرخصة؟ فلو سلم أنه لا يستفاد من الأوامر أزيد من الجواز لا وجه لدعوى أن الإتيان بقصد المشروعية تشريع، لأن مقتضى عدم الاعتناء على وجه الرخصة أن المكلف مرخص في ترك هذا الجزء من المركب، ومجاز في عدم الاعتناء بشكه، كما أنه مرخص في إتيانه.
فحينئذ: لا تكون أدلة التجاوز حاكمة على استصحاب عدم الإتيان بالجزء المشكوك فيه، فمقتضى الاستصحاب وأدلة التجاوز أنه لو أتى به يكون جزءا للمركب، ولا بأس بتركه.
ولو قلنا: بمحكومية الاستصحاب - على فرض دلالة أدلة التجاوز على كون عدم الاعتناء على وجه الرخصة - يجوز الإتيان بالجزء أيضا بعنوان الجزئية، لا لقاعدة الاشتغال حتى يقال: يدور الأمر بين المحذورين (2)، بل للاستفادة من الأدلة الخاصة الواردة في الشك في المحل، فإنها بكثرتها تدل على أن الإتيان بعنوان الجزئية لا مانع منه.
والتحقيق أن يقال: إن المستفاد من الأدلة كما عرفت (3) أن المكلف الذي هو أذكر حين العمل وأقرب إلى الحق قد أتى بما هو وظيفته لا محالة، كما يفصح عن ذلك قوله في صحيحة حماد: (قد ركعت أمضه) (4) وقوله في موثقة عبد الرحمن: (قد ركع) (5) فيستفاد من تلك الأدلة التعبد بوجود الجزء: إما لقيام الأمارة عليه، أو لكون الأصل محرزا له، فمع التعبد بوجوده يكون الإتيان به زيادة عمدية، لا من باب التشريع، بل كسائر الزيادات العمدية.