قول الباقر (ع) في موثقة سماعة كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو ويدل عليها أيضا في خصوص باب الطهارة والصلاة قول الصادق (ع) في خبره الاخر كلما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكر فامضه ولا إعادة عليك فيه ولكنك خبير باختصاص موردها بما إذا تلبس المكلف بعمل يصلح ان يتصف بالصحة والفساد فشك في صحته بعد الفراغ منه والقدر المسلم الذي يمكن اثبات اعتبارها فيه ما إذا تحقق الفراغ من العمل الذي يعد في العرف عملا بان يكون له نحو استقلال وملحوظية في العرف لو كان بنظر الشارع جزء من عمل آخر أو شرطا له كالسعي والطواف وغيرهما من اعمال الحج وكالوضوء والغسل والتيمم التي هي مقدمة للصلاة اما اجزاء الاعمال التي ليس لها استقلال كغسل الوجه واليدين وأشباههما فلا لان مدرك هذه القاعدة اما الاجماع والسيرة أو الاخبار اما الأولان فلا يستفاد منهما الا اعتبارها في الجملة واما الاخبار فهي قاصرة عن اثبات اعتبارها في مثل الفرض لان ظاهر الروايتين الأخيرتين إرادة مضى الاعمال الماضية المنصرفة عن مثل الفرض جزما واما قوله (ع) في موثقة ابن أبي يعفور انما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه فيتعين حمله أيضا صرفا أو انصرافا على إرادة الاعمال المستقلة كالوضوء ونحوه لعدم جريان هذه القاعدة بالنسبة إلى اجزاء الوضوء اجماعا ونصا فيلزم من حمله على العموم عدم اطراد القاعدة التي سيقت لبيان حكم الوضوء بالنسبة إلى بعض مصاديقها في خصوص الوضوء وهو بعيد هذا مع أن الامر دائر بين التخصيص والتخصص الذي لا شبهة في أولويته مضافا إلى أن صدر الرواية يمنع من حمل لفظ الشئ المذكور في ذيلها على هذا النحو من العموم إذ كما أن ذيل الرواية يرفع اجمال الصدر ويعين المراد من الضمير كذلك يرتفع به الاجمال عن الذيل حيث إنه يفهم من سياق الرواية ان مفهوم الصدر من مصاديق منطوق الذيل فتكون الرواية بمنزلة قولك إذا شككت في شئ من الوضوء ولم تدخل في غير الوضوء فشكك معتبر لأن الشك انما يلغى إذا كان بعد الفراغ من الشئ لا قبله فيعلم من ذلك أن الشك في الوضوء مطلقا ما دام الاشتغال شك في الشئ قبل الفراغ منه فظهر لك مما ذكرنا قصور الأدلة المتقدمة عن اثبات جواز التمسك بأصالة الصحة فيما لو شك في جزء عمل بعد دخوله في الجزء الآخر إذا كان المجموع كالوضوء في كونه عملا واحدا في العرف وقد يستدل لذلك بعموم بعض الأخبار الواردة في الصلاة الدالة على أن الشك في الشئ بعد تجاوز محله ملغى كخبر إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض وان شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه * (وصحيحة) * زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة قال يمضى قلت رجل شك في الأذان والإقامة وقد كبر قال يمضى قلت الرجل شك في التكبير وقد قرء قال يمضى قلت شك في القراءة وقد ركع قال يمضى قلت شك في الركوع وقد سجد قال يمضى على صلاته ثم قال يا زرارة إذا خرجت من شئ ودخلت في غيره فشككت فليس بشئ وفيه أن مفاد الروايتين على ما يقتضيه ظاهرهما عدم الاعتناء بالشك في وجود شئ بعد تجاوز محله لا في صحته فهي قاعدة أخرى غير قاعدة الصحة نعم يستفاد حكم ما لو شك في صحة الشئ السابق من هذه القاعدة أيضا اما بالفحوى أو بارجاع الشك في وصف الصحة إلى الشك في وجود الشئ الصحيح وكيف كان فالظاهر أن هذه القاعدة مخصوصة بالصلاة لا انها كقاعدة الصحة سارية جارية في جميع أبواب الفقه لقصور الروايتين عن اثبات عمومها حيث إن سوق هذه القاعدة بعد ذكر الشكوك المتعلقة بجملة من اجزاء الصلاة خصوصا في جواب سؤال السائل حيث سئل عن حكم الاجزاء واحدا بعد واحد يوهن ظهورها في العموم بل يصلح ان يكون قرينة لإرادة اجزاء الصلاة من اطلاق الشئ بل لعل هذا هو المتبادر من اطلاقه في مثل المقام فكيف يمكن اثبات مثل هذا الأصل بمثل هذا الظاهر * (وكيف) * كان فان قلنا إن هذه القاعدة غير مخصوصة بالصلاة بل هي قاعدة عامة مخصصة في خصوص الوضوء بالأدلة المتقدمة يشكل رفع اليد عنها بالنسبة إلى الغسل والتيمم إذ لا معارض لها عدا ما يتوهم من دلالة ذيل موثقة ابن أبي يعفور على أن الشك في أثناء العمل معتبر مطلقا * (ويدفعه) * عدم كون الموثقة في مقام بيان حكم المنطوق حتى يصح التمسك بالاطلاق واطلاق الحكم في الوضوء ثبت من مفهوم الصدر وغيره لامن اطلاق الذيل فالشان انما هو في اثبات عموم القاعدة الثانية وهو في غاية الاشكال فالأظهر كون الغسل والتيمم كالوضوء في الحكم المذكور كما هو مقتضى الأصل * (ولكن) * الانصاف ان منع جريان قاعدة الصحة في بعض موارد الشك في الأجزاء السابقة في الغسل لا يخلو عن مجازفة كما لو فرق بين الاجزاء بفصل يعتد به في العرف كان عقل رأسه في الصبح ثم شك في الظهر عند إرادة غسل سائر جسده في أنه أسبغ غسل رأسه في الصبح أم لا فان الظاهر مساعدة العرف في مثل الفرض على اجزاء أصالة الصحة حيث إن التفكيك بين الاجزاء يجعل كل جزء بنظر العرف عملا مستقلا فلو أمكن التفصيل بان يقال لو اتى باجزاء الغسل متوالية كالوضوء فكالوضوء في الحكم والا فكل جزء بنفسه موضوع مستقل لقاعدة الصحة لكان وجيها وما يقتضيه الاحتياط في جميع موارد الشك قبل الفراغ من الغسل وكذا التيمم مما لا ينبغي تركه والله العالم ولافرق في الحكم المذكور بين الشرط والجزء فلو شك في طهارة ماء الغسلات السابقة أو اطلاقه أو الترتيب بين الاجزاء أو التوالي قبل الفراغ من الوضوء يجب اعادتها تحصيلا للجزم بفراغ الذمة من الواجب المعلوم هذا إذا لم يكن في المقام أصل موضوعي رافع للشك
(٢٠٧)