وقد اتضح مما ذكرنا النظر فيما أفاد، لكن لا بد من رفع شبهته وحسم مادتها.
فنقول: إن المكلف قد يعلم حاله حين العمل، أي يعلم في زمان الشك أنه كان عالما بالحكم والموضوع، ويكون شكه متمحضا في أنه هل ترك الجزء نسيانا أو سهوا أم لا؟
أو يعلم أنه كان جاهلا بهما على النحو الأول من النحوين المتقدمين في صدر المبحث، بحيث كان الإتيان بالمأمور به على وجهه من باب السهو والنسيان.
أو على النحو الثاني منهما، بحيث كان الإتيان به على وجهه من باب الصدفة.
وقد لا يعلم حاله أصلا، بحيث يحتمل أن يكون تركه مستندا إلى السهو والنسيان، مع العلم بالموضوع والحكم.
ويحتمل أن يكون الإتيان من باب السهو.
ويحتمل أن يكون من باب الصدفة، ويعلم حال الصور الأخرى من ذكر تلك الصور.
فإن بنينا على انصراف أدلة التجاوز إلى الشك في أنه ترك سهوا ونسيانا، مع العلم بالموضوع والحكم، كما هو الحق، فحينئذ لو علم المكلف حاله فإن كان شكه من قبيل ذلك لا يعتني به، وإن كان من غيره يعتني به.
لكن علم المكلف بالنسبة إلى الأعمال السابقة في غاية الندرة - لو لم نقل أنه لا يوجد مكلف يعلم حاله تفصيلا وبجميع خصوصيتها - فنوع المكلفين لا يعلمون أن تركهم على فرضه كان مستندا إلى السهو أو الجهل بأحد قسميه، فالشك في الأعمال السابقة كثير واقع من نوع المكلفين.
لكن تشخيص الحال السابقة، وأنه كان عالما أو لا، وعلى الثاني كان جهله بالحكم أو الموضوع، وعلى أي نحو من أنحاء الجهل في غاية الندرة، فيحتمل نوع