لكون المكلف يأتي بالعمل على طبق وظيفته، ويكون حين العمل أذكر منه حين يشك.
فحينئذ نقول: يتضح مما ذكر أن الدخول في الغير غير دخيل في موضوع الحكم، وأن تمام الموضوع للحكم بعدم الاعتناء بالشك هو أن المكلف الذاكر يأتي بوظيفته حين اشتغاله بالعمل، فإذا تجاوز عن المحل يتحقق موضوع القاعدة، دخل في الغير أولا، ولا يكون الدخول في الغير دخيلا في الحكم حتى فيما كان محققا للتجاوز.
وبعد التنبيه بما ذكرنا تفهم القيدية من قوله في صحيحتي زرارة وإسماعيل بن جابر: (دخلت) أو (دخل في غيره) فيكون ذكر الدخول في الغير لتحقق التجاوز نوعا به، لا لدخالته في موضوع الحكم.
ويؤيد ما ذكرنا: بل يدل عليه قوله في ذيل موثقة ابن أبي يعفور في مقام إعطاء القاعدة: (إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه) (1) مع ذكر الدخول في الغير في صدرها، فإن الظاهر من ذيلها أنه بصدد إعطاء كبرى كلية، ويكون الصدر مصداقا لها، فحصر لزوم الاعتناء بالشك - فيما إذا كان متشاغلا بالشئ ولم يجزه - دليل على أن الموضوع للحكم نفس الخروج عن المحل والتجاوز عنه، ولا دخالة لشئ آخر فيه.
وأما ما أفاده الشيخ الأعظم: من أن الظاهر من الغير في صحيحة إسماعيل - بملاحظة كون صدرها في مقام التحديد والتوطئة للقاعدة المقررة في ذيلها - أن السجود والقيام حدا للغير الذي يعتبر الدخول فيه، وأنه لا غير أقرب من السجود والقيام بالنسبة إلى الركوع والسجود، إذ لو كان الهوي والنهوض كافيين قبح في مقام التوطئة للقاعدة التحديد بالسجود والقيام، ولم يكن وجه لجزم المشهور بوجوب الالتفات إذا شك قبل الاستواء قائما (2) انتهى.
ففيه: أن دعوى كون الصدر في مقام التحديد، وأنه لا غير أقرب مما ذكر ممنوعة،