المأتي به للواقع كان عن سهو وغفلة، كما لو اعتقد المسافر وجوب الإتمام عليه، فصلى واحتمل الإتيان قصرا سهوا أو نسيانا فصادف الواقع، أو اعتقد المسافة دون المسافة، واحتمل الإتيان قصرا سهوا أو نسيانا.
ثانيهما: ما لا يكون كذلك، كما لو اعتقد المسافر كونه مخيرا بين القصر والإتمام، فصلى واحتمل الإتيان قصرا من باب الصدفة، أو كان بين يديه مائعان يعتقد كونهما ماء مطلقا، وكان أحدهما المعين مضافا، ثم بعد الوضوء شك في صحته، لأجل الشك في وضوئه بالماء صدفة.
إذا عرفت ذلك: فهل الروايات كموثقة ابن مسلم: (كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو) (1) وغيرها بإطلاقها شاملة لجميع الصور المتقدمة؟
أو منصرفة إلى القسم الأول فقط، أي ما يكون الترك مستندا إلى السهو أو الغفلة مع العلم بالحكم والموضوع؟
أو منصرفة عن القسم الأول من قسمي الجهل بالحكم أو الموضوع، أي ما كان الإتيان بالواقع مستندا إلى السهو والنسيان.
ثم على فرض إطلاق الأدلة، هل يكون مثل قوله: (هو حين يتوضأ أذكر) (2) وقوله: (كان حين انصرافه أقرب إلى الحق) (3) مقيدا لها أو لا؟
أقول: دعوى الانصراف إلى القسم الأول ليست ببعيدة، وذلك لأن ارتكاز العقلاء بأن الفاعل المريد لفراغ ذمته إذا أراد إتيان شئ يأتي بما هو وظيفته في محله، وإن لم يصل إلى حد تطمئن النفس بأن بناءهم على عدم الاعتناء بالشك، كما ذكرنا في بعض