المأمور بها على أي فرد من أفرادها شاء تطبيقها عليه، وهو يعارض مقتضى الإطلاق الشمولي المانع عن إيجاد مورد الاجتماع.
وعلى الجملة: فالنقطة الرئيسية لهذا الوجه: أن ثبوت الإطلاق للمطلق البدلي يحتاج إلى مقدمة أخرى زائدا على مقدمات الحكمة، وهي: إحراز تساوي أفراده في الوفاء بالغرض، وهذا بخلاف ثبوته في المطلق الشمولي فإنه لا يحتاج إلى مقدمة زائدة على تلك المقدمات، فإذا هو مانع عن ثبوت الإطلاق له، أي: للمطلق البدلي بالإضافة إلى مورد الاجتماع، ضرورة أنه بعد كون مورد الاجتماع مشمولا للمطلق الشمولي لا يمكن إحراز أنه واف بغرض الطبيعة المأمور بها كبقية أفرادها، وهذا معنى عدم إحراز تساوي أفرادها مع وجود الإطلاق الشمولي.
ولكن تلك النقطة خاطئة جدا، لأنها ترتكز على كون التخيير بين تلك الأفراد عقليا، ولكن عرفت أن التخيير شرعي مستفاد من الإطلاق وعدم تقييد الشارع الطبيعة بحصة خاصة، فإذا نفس الإطلاق كاف لإحراز التساوي، وإلا لكان على المولى التقييد ونصب القرينة، والعقل وإن احتمل وجدانا عدم التساوي إلا أنه لا أثر لهذا الاحتمال بعد ثبوت الإطلاق الكاشف عن التساوي.
ومن هذا البيان تظهر المناقشة في الوجه الثالث أيضا، وذلك لأن هذا الوجه أيضا يبتني على كون التخيير عقليا، ولكن بعد منع ذلك، وأن التخيير شرعي مستفاد من الإطلاق فإن مفاده ترخيص الشارع في تطبيق الطبيعة المأمور بها على أي فرد من أفرادها شاء تطبيقها عليه. ومن المعلوم أن حجية هذا لا تتوقف على أي شئ ما عدا مقدمات الحكمة، فإذا لا محالة يعارض هذا الإطلاق الشمولي المانع عن إيجاد مورد الاجتماع للعلم بكذب أحد هذين الحكمين في الواقع، وعدم صدوره من الشارع.
وقد تحصل من ذلك: أن هذه الوجوه بأجمعها خاطئة، ولا واقع موضوعي لها أصلا.