مفسدة، كما أن المفسدة في فعل الحرام من دون أن تكون في تركه مصلحة، وإلا لكان اللازم أن ينحل كل حكم إلى حكمين: أحدهما متعلق بالفعل، والآخر متعلق بالترك، ولازم هذا أن يستحق عقابين عند ترك الواجب أو فعل الحرام:
أحدهما على ترك الواجب، والآخر على فعل الحرام، لفرض أن ترك الواجب محرم، ولا نظن أن يلتزم بذلك أحد حتى هو (قدس سره) كما هو واضح.
ومنها: الاستقراء بدعوى: أنا إذا تتبعنا موارد دوران الأمر بين الوجوب والحرمة في المسائل الشرعية واستقرأناها نجد أن الشارع قدم جانب الحرمة على جانب الوجوب.
فمن جملة تلك الموارد: حكم الشارع بترك العبادة أيام الاستظهار، فإن أمر المرأة في هذه الأيام يدور بين وجوب الصلاة عليها وحرمتها، ولكن الشارع غلب جانب الحرمة على جانب الوجوب وأمر بترك الصلاة فيها.
ومنها: الوضوء أو الغسل بماءين مشتبهين، فإن الأمر يدور - حينئذ - بين حرمة الوضوء أو الغسل منهما ووجوبه، ولكن الشارع قدم جانب الحرمة على جانب الوجوب، وأمر بإهراق الماءين والتيمم للصلاة. ومنها غير ذلك.
ومن مجموع ذلك نستكشف أن تقديم جانب الحرمة أمر مطرد في كل مورد دار الأمر بينهما بلا اختصاص بمسألة دون أخرى وبباب دون آخر.
ويرد عليه: أولا: أن الاستقراء لا يثبت بهذا المقدار، حتى الاستقراء الناقص فضلا عن التام، فإن الاستقراء الناقص: عبارة عن تتبع أكثر الجزئيات والأفراد وتفحصها ليفيد الظن بثبوت كبرى كلية في قبال الاستقراء التام الذي هو: عبارة عن تتبع تمام الأفراد، ولذلك يفيد القطع بثبوت كبرى كلية. ومن الواضح جدا أن الاستقراء الناقص لا يثبت بهذين الموردين.
وثانيا: أن الأمر في هذين الموردين أيضا ليس كذلك، وأن الحكم بعدم الجواز فيهما ليس من ناحية هذه القاعدة.
وبيان ذلك: أما في مورد الاستظهار فلأن الروايات الواردة فيه في باب