الأمر والنهي بشئ واحد وإمكانه إنما هي بوحدة زمان المتعلق وتعدده، فإن كان واحدا يستحيل أن يكون متعلقا للأمر والنهي معا وإن كان زمان النهي سابقا، على زمان الأمر أو بالعكس، لعدم العبرة بتعدد زمانهما أصلا، لفرض أنه لا يرفع المحذور المزبور. وإن كان متعددا فلا مانع من تعلق الأمر والنهي به في زمان واحد فضلا عن زمانين، لعدم التنافي بينهما - عندئذ - أصلا، لفرض أن الأمر تعلق به في زمان والنهي تعلق به في زمان آخر، ولا مانع من أن يكون شئ واحد في زمان محكوما بحكم، وفي زمان آخر محكوما بحكم آخر غيره.
مثال الأول: ما إذا فرض أن المولى نهى يوم الأربعاء عن صوم يوم الجمعة وأمر به في يوم الجمعة فإنه لا إشكال في استحالة ذلك ضرورة أن صوم يوم الجمعة لا يمكن أن يكون مأمورا به ومنهيا عنه معا، فإنه إن كان فيه ملاك الوجوب امتنع تعلق النهي به مطلقا، وإن كان فيه ملاك الحرمة امتنع تعلق الأمر به كذلك.
ومثال الثاني: ما إذا أمر المولى يوم الخميس بصوم يوم الجمعة ونهى في ذلك اليوم عن صوم يوم السبت فإنه لا إشكال في جواز ذلك وإمكانه.
فالنتيجة: أن ملاك استحالة اجتماع حكمين من الأحكام التكليفية في شئ واحد وإمكان اجتماعه إنما هو بوحدة زمان المتعلق وتعدده، ولا اعتبار بوحدة زمان الحكمين وتعدده أصلا.
وأما الأحكام الوضعية: فقد ذكر شيخنا الأستاذ (قدس سره) أن حالها من هذه الناحية حال الأحكام التكليفية، فكما أن المناط في استحالة اجتماع اثنين منها في شئ واحد وإمكانه هو وحدة زمان المتعلق وتعدده لا وحدة زمان الحكمين وتعدده فكذلك المناط في استحالة اجتماع اثنين من الأحكام الوضعية في شئ واحد، وإمكانه هو وحدة زمان المعتبر وتعدده، لا وحدة زمان الاعتبارين وتعدده.
ومن هنا أشكل (قدس سره) على ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في تعليقته على مكاسب شيخنا الأعظم (رحمه الله)، واليك نص ما أفاده: فلا وجه للقول بالكشف بمعنى:
تحقق المضمون قبل ذلك لأجل تحقق الإجازة فيما بعد، نعم، بمعنى: الحكم بعد