تكون وظيفته الإيماء دون السجدة. وأما الركوع فهو وإن لم يكن بنفسه تصرفا في مال الغير - لما عرفت: من أنه عبارة عن هيئة حاصلة للمصلي من نسبة بعض أجزائه إلى بعضها الآخر ونسبة المجموع إلى الخارج - إلا أنه مستلزم، للبقاء فيها، وهو تصرف زائد على مقدار الضرورة.
فإذا تقع المزاحمة بين وجوب الصلاة مع الركوع وبين حرمة التصرف في مال الغير، فلابد من الرجوع إلى مرجحات باب المزاحمة. ولكن بما أن وجوب الصلاة مع الركوع خاصة مشروط بالقدرة شرعا - لما تقدم في بحث الضد - من أن الأركان بعرضها العريض وإن كانت غير مشروطة بالقدرة الشرعية إلا أن كل مرتبة منها مشروطة بها - فعليه تتقدم حرمة التصرف في مال الغير على وجوبه من ناحية ما ذكرناه: من أنه إذا وقعت المزاحمة بين ما هو المشروط بالقدرة شرعا وما هو المشروط بالقدرة عقلا فيتقدم ما هو المشروط بالقدرة عقلا على ما هو المشروط بها شرعا، على تفصيل تقدم في مسألة الضد (1).
فالنتيجة: هي وجوب الاقتصار على الإيماء في الصلاة للركوع والسجود.
نعم، لو تمكن المكلف من الإتيان بهما في الصلاة من دون استلزامه للتصرف الزائد لوجب ذلك، كما إذا فرض أن خروجه من الأرض المغصوبة بالسيارة أو الطيارة أو السفينة أو ما شاكل ذلك فإن الركوع والسجود في مثل ذلك لا يستلزمان التصرف الزائد كما هو واضح. فإذا تتعين الصلاة بها، ولا يجوز الاقتصار على الإيماء، لفرض أنه بدل اضطراري عنهم، ومع تمكن المكلف من الإتيان بهما لا تصل النوبة إلى بدلهما الاضطراري كما هو واضح.
نتيجة ما ذكرناه عدة نقاط:
الأولى: أنه لا إشكال في سقوط الحرمة واقعا من ناحية الاضطرار أو نحوه، وليس حاله حال الجهل الرافع للتكليف ظاهرا لا واقعا.