الرابع: أنه واجب فحسب، ولا يكون محرما، لا بالنهي الفعلي ولا بالنهي السابق الساقط. واختار هذا القول شيخنا العلامة الأنصاري (1)، ووافقه فيه شيخنا الأستاذ (2) (قدس سره).
الخامس: أنه لا يكون فعلا محكوما بشئ من الأحكام الشرعية، ولكنه منهي عنه بالنهي السابق الساقط بالاضطرار أو نحوه، ويجري عليه حكم المعصية.
نعم، هو واجب عقلا من ناحية أنه أقل محذورين وأخف قبيحين. واختار هذا القول المحقق صاحب الكفاية (3) (قدس سره). فهذه هي الأقوال في المسألة. ولنأخذ بالنظر إلى كل واحد من هذه الأقوال:
أما القول الأول: فهو واضح الفساد، وذلك لاستلزام هذا القول التكليف بالمحال.
بيان ذلك: هو أن المتوسط في الأرض المغصوبة لا يخلو: من أن يبقى فيها، أو يخرج عنها، ولا ثالث لهما. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: المفروض أن البقاء فيها محرم، فلو حرم الخروج أيضا لزم التكليف بما لا يطاق، وهو محال. فإذا لا يعقل أن يكون الخروج محكوما بالحرمة.
وأما القول الثاني: فهو أوضح فسادا من الأول، وذلك ضرورة استحالة كون شئ واحد واجبا وحراما معا حتى على مذهب الأشعري الذي يرى جواز التكليف بالمحال، فإن نفس هذا التكليف والجعل محال، لا أنه من التكليف بالمحال، على أن وجوبه: إما أن يكون مبنيا على القول بوجوب المقدمة بناء على كون الخروج مقدمة للتخلص الواجب ورد المال إلى مالكه، وإما أن يكون مبنيا على كونه مصداقا للتخلص ولرد المال إلى مالكه.