الثانية: أنه لا شبهة في صحة العبادة فيما إذا لم تكن متحدة مع الفرد المحرم المضطر إليه، لما عرفت: من أن العبادة صحيحة على هذا الفرض فيما إذا كانت الحرمة باقية بحالها فضلا عما إذا سقطت.
الثالثة: أن الظاهر صحة العبادة فيما إذا فرض كونها متحدة مع المحرم المضطر إليه، وذلك لما عرفت: من أن المانع عن صحتها إنما هو حرمتها، فإذا فرض أنها سقطت بالاضطرار أو نحوه واقعا فلا مانع - عندئذ - من صحتها أصلا كما تقدم.
الرابعة: أن ما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) من أن دلالة النهي على حرمة شئ في عرض دلالته على تقييد المأمور به بعدمه وليست متقدمة عليها قد تقدم فساده بشكل واضح. وقلنا هناك: إن حرمة شئ وعدم وجوبه وإن كان في رتبة واحدة بحسب مقام الثبوت والواقع لعدم ملاك لتقدم أحدهما على الآخر إلا أنهما بحسب مقام الإثبات والدلالة ليسا كذلك، فإن دلالة النهي على الحرمة في مرتبة متقدمة على دلالته على عدم الوجوب والتقييد، بداهة أن الدلالة الالتزامية متفرعة على الدلالة المطابقية.
الخامسة: أنه تظهر الثمرة بين وجهة نظرنا ووجهة نظر شيخنا الأستاذ (قدس سره) في جواز التمسك بالإطلاق وعدمه، فإنه بناء على وجهة نظرنا بما أن دلالة النهي على التقييد وعدم الوجوب متفرعة على دلالته على الحرمة فلا محالة تسقط بسقوط دلالته عليها. ومن المعلوم أنه مع سقوط التقييد لا مانع من التمسك بالإطلاق.
وبناء على وجهة نظر شيخنا الأستاذ (قدس سره) بما أن دلالته على التقييد وعدم الوجوب في عرض دلالته على الحرمة فلا تسقط بسقوط تلك الدلالة، ومع عدم السقوط لا يمكن التمسك بالإطلاق.
السادسة: قد تقدم: أن رفع الحكم من ناحية الاضطرار بما أنه يكون للامتنان فيدل على ثبوت المقتضي والملاك له (1) وإلا فلا معنى للامتنان أصلا، وهذا بخلاف رفع الحكم في غير موارد الامتنان، فإنه لا يدل على ثبوت مقتضيه، ضرورة أنه كما يمكن أن يكون من جهة المانع مع ثبوت المقتضي له يمكن أن يكون من جهة