الأول: ما إذا كان المكلف متمكنا من الصلاة في خارج الدار لبقاء الوقت، وهذا الفرض وإن كان خارجا عن محل الكلام إلا أنه لا بأس بالتعرض له لمناسبة.
الثاني: ما إذا لم يتمكن من الصلاة في الخارج لضيق الوقت وعدم تمكنه من إدراك تمام الصلاة فيه.
أما المورد الأول فلا إشكال في لزوم الخروج عليه والتخلص عن الغصب في أول أزمنة الإمكان عقلا وشرعا، ولا يجوز له البقاء فيها آنا ما بعد تمكنه من الخروج، لأنه تصرف زائد على مقدار تقتضيه الضرورة.
وعلى الجملة: فكل من العقل والشرع ألزم المكلف بالتخلص عن الدار المغصوبة والخروج عنها في أول زمن الإمكان ورفع الاضطرار، فلو بقي بعد ذلك ولو آنا ما فقد ارتكب محرما، لفرض أنه تصرف فيها بغير اضطرار. ومن المعلوم أن تصرفه فيها بدونه محرم على الفرض، هذا حكم التخلص والخروج.
ومن هنا يظهر: أنه لا يجوز الإتيان بالصلاة، لأنه يوجب زيادة البقاء فيها والتصرف بلا موجب ومقتض، ومن الواضح أنه غير جائز. وأما إذا فرض أنه عصى وأتى بالصلاة فيها فهل يحكم بصحة صلاته أم لا؟ فهو مبني على النزاع في مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه.
فعلى القول بالجواز يحكم بصحتها، لفرض أنه على هذا القول يكون المجمع متعددا وجودا وماهية، فيكون مصداق المأمور به غير المنهي عنه خارجا، ومجرد ملازمته معه في الوجود الخارجي لا يمنع عن انطباق المأمور به عليه وصحته، كما تقدم الكلام من هذه الناحية بشكل واضح.
وعلى القول بالامتناع يحكم ببطلانها، لفرض أنه على هذا يكون مصداق المأمور به متحدا مع المنهي عنه خارجا، ومعه - أي: مع الاتحاد - لا يمكن الحكم بالصحة أبدا، لاستحالة كون المحرم مصداقا للواجب كما سبق ذلك بصورة مفصلة.
هذا حكم الصلاة في الدار المغصوبة بعد رفع الاضطرار.
وأما الصلاة فيها قبل رفع الاضطرار فعلى وجهة نظرنا لا إشكال في جواز الإتيان بها، وعدم وجوب تأخيرها لأن يؤتى بها في خارج الدار.