ثم قال: (ومن الغريب ما صدر من بعض متفقهة العصر، بل سمعته من بعض مشايخنا المعاصرين: من أنه يجب على المحبوس الصلاة على الكيفية التي كان عليها أول الدخول إلى المكان المحبوس فيه، إن قائما فقائم وإن جالسا فجالس، بل لا يجوز له الانتقال إلى حالة أخرى في غير الصلاة أيضا، لما فيه من الحركة التي هي تصرف في مال الغير بغير إذنه، ولم يتفطن أن البقاء على الكون الأول تصرف أيضا لا دليل على ترجيحه على ذلك التصرف، كما أنه لم يتفطن أنه عامل هذا المظلوم المحبوس قهرا بأشد ما عامله الظالم، بل حبسه حبسا ما حبسه أحد لأحد، اللهم إلا أن يكون في يوم القيامة مثله، خصوصا وقد صرح بعض هؤلاء أنه ليس له حركة أجفان عيونه زائدا على ما يحتاج إليه، ولا حركة يده أو بعض أعضائه كذلك، بل ينبغي أن تخص الحاجة في التي تتوقف عليها حياته ونحوها مما ترجح على حرمة التصرف في مال الغير، وكل ذلك ناش عن عدم التأمل في أول الأمر والأنفة عن الرجوع بعد ذلك) (1).
أقول: الأمر كما أفاده (قدس سره)، فإنه لو حرم عليه جميع الحركات والتقلبات فيها حتى مثل حركة اليد وما شاكلها فهذا كان غاية الضيق عليه وأشد مما حبسه الظالم، ومن الواضح جدا أن ذلك مناف لرفع الشارع حرمة التصرف عنه امتنانا، ضرورة أن في ذلك ليس أي امتنان، بل هو خلاف الامتنان، كيف؟ فإن الإنسان لا يخلو من مثل هذه التصرفات والتقلبات أبدا، فإنها من لوازم حياته، وإن الإنسان الحي لا يخلو منها في زمان من الأزمنة، ومع هذا لا يمكن الحكم بحرمة هذه التقلبات والاقتصار على مقدار يتوقف عليه حفظ نفسه، ضرورة أن هذا أشد ظلما مما فعله الظالم.
وأما المقام الثاني - وهو: ما إذا كان المكلف متمكنا من التخلص عن الغصب في الوقت - فيقع الكلام فيه في موردين: