فما أفاده شيخنا المحقق (قدس سره): من أنه في هذا الفرض يستحق عقابا واحدا - وهو العقاب على ما لا يجوز تركه وهو الواحد منها - لا يرجع إلى معنى محصل، وذلك لأن عدم استحقاقه العقاب على ترك البقية عند الإتيان بواحد منها من جهة أن تركها إلى بدل، وقد عرفت أنه جائز (1) وإنما لا يجوز تركها بلا بدل، والمفروض أن عند ترك الجميع يكون ترك كل منها بلا بدل فيستحق العقاب عليه.
وبكلمة أخرى: أن ترك كل واحد منها مقتض لاستحقاق العقاب، لفرض أنه ترك الواجب، والمانع منه إنما هو الإتيان بالآخر، فإذا فرض أنه لم يأت به أيضا وتركه فلا مانع من استحقاقه العقاب أصلا، فيكون العقاب - عندئذ - على الجمع بين التركين أو التروك، وقد مر نظير ذلك في بحث الترتب، وقلنا هناك: إن المكلف إذا ترك الأهم والمهم معا فيستحق عقابين، ويكون العقابان على الجمع بين ترك هذا وترك ذاك (2)، مع أن من الواضح - جدا - أنه لا يمكن الالتزام بتعدد العقاب في المقام أبدا، ولم يلتزم به أحد فيما نعلم.
وأما تفسيرها الثاني فيرده:
أولا: أنه خلاف ظاهر الدليل، فإن الظاهر - كما عرفت - وجوب أحد الأطراف أو الطرفين، لا وجوب الجميع.
وثانيا: أنه لا طريق لنا إلى إحراز أن الغرض المترتب على الخصال واحد بالسنخ والنوع، وأن الإلزامي منه وجود واحد، فإنه يحتاج إلى علم الغيب.
وثالثا: على تقدير تسليم ذلك إلا أن لازمه وجوب أحد تلك الخصال لا وجوب الجميع.
ودعوى: أن وجوب أحدها المردد في الواقع غير معقول، ووجوب أحدها المعين ترجيح بلا مرجح فلا محالة وجب الجميع فاسدة، وذلك لأنا لا نقول بوجوب أحدهما المردد في الواقع ليقال: إنه غير معقول، ولا بوجوب أحدهما المعين ليكون ترجيحا من غير مرجح، بل نقول بوجوب أحدهما لا بعينه،