والأكل والشرب من الإناء المغصوب، فإنهما على الأول كما عرفت محرمان مطلقا، أي: سواء أكان بلا واسطة أم معها. وعلى الثاني فليسا بمحرمين مطلقا ولو كانا مع واسطة، وذلك لأ نهما إنما يكونان محرمين فيما إذا صدق عليهما أنه تصرف فيه، فلو أخذ الطعام منه وصب في ظرف آخر وأكل فيه فلا يكون أكله فيه محرما.
والوجه في ذلك: أن المستفاد من الروايات: هو حرمة استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب ولو كان استعمالها في طريقهما، وهذا بخلاف الإناء المغصوب، فإن المحرم فيه إنما هو تصرفه، وعليه فإذا كان الأكل أو الشرب مصداقا له فهو محرم، وإلا فلا. ومن المعلوم أنه إنما يكون مصداقا له فيما إذا كان فيه، وأما إذا كان في غيره كما إذا أخذ الطعام منه وصبه في إناء آخر فأكل فيه فهذا ليس تصرفا فيه كما هو واضح.
وأما إذا توضأ المكلف أو اغتسل منها بحيث كان وضوؤه أو غسله تصرفا فيها فهل يمكن القول بجواز اجتماع الأمر والنهي فيه بناء على القول بالجواز في المسألة أم لا؟ قولان.
فقد ذكر شيخنا الأستاذ (قدس سره): أن من يقول بجواز الاجتماع فيها يقول به في المقام أيضا، وقد أفاد في تقريب ذلك: أن الوضوء أو الغسل باعتبار نفسه الذي هو فرد من أفراد المقولة مأمور به، وباعتبار إضافته إلى الآنية التي يحرم التصرف فيها منهي عنه. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن استعمال الآنية ليس داخلا في إحدى المقولات التسع العرضية، بل هو متمم لمقولة من المقولات: كالأكل والشرب والتوضؤ وما شاكل ذلك.
فالنتيجة على ضوئهما: هي أنه لا مانع من القول بالجواز هنا باعتبار أن المأمور به بنفسه مقولة والمنهي عنه ليس بمقولة على الفرض، بل هو من متمم المقولة، فيكون متعلق الأمر غير متعلق النهي (1).