ومنها: الركوع والسجود والقيام والقعود، والصحيح أنها أيضا غير متحدة مع الغصب خارجا.
والوجه في ذلك هو: أن هذه الأفعال من مقولة الوضع، فإنها هيئات حاصلة للمصلي من نسبة بعض أعضائه إلى بعضها الآخر، ونسبة المجموع إلى الخارج.
والوضع: عبارة عن هيئة حاصلة للجسم من نسبة بعض أجزائه إلى بعضها الآخر، ونسبة المجموع إلى الخارج، وهذه الهيئات هي حقائق تلك الأمور التي تعتبر في الصلاة. ومن الواضح جدا أن تلك الهيئات ليست بأنفسها مصداقا للغصب ومتحدة معه في الخارج ومنشأ لانتزاعه، ضرورة عدم صدق التصرف عليها بما هي لتكون كذلك، بل يستحيل أن تتحد مع الغصب، لفرض أنه في المقام منتزع من الكون في الأرض المغصوبة، وهو من مقولة الأين، وتلك الهيئات من مقولة الوضع، وعليه فيستحيل اتحادهما خارجا.
ونتيجة ذلك: هي أن هيئة الركوع والسجود والقيام والجلوس ليست في أنفسها - مع قطع النظر عن مقدماتها من الهوي والنهوض - مصداقا للغصب ومنشأ لانتزاعه.
وقد يتخيل في المقام أنها من مقولة الفعل، وليست من مقولة الوضع، فإذا - لا محالة - تكون مصداقا للغصب وتصرفا في مال الغير.
ولكنه تخيل خاطئ جدا، فإنه ناش من الخلط بين ما يكون من قبيل الفعل الصادر بالإرادة والاختيار، وما يكون من مقولة الفعل التي هي من إحدى المقولات التسع العرضية. والهيئات المزبورة وإن كانت من الأفعال الاختيارية الصادرة بالإرادة والاختيار إلا أنها مع ذلك ليست من مقولة الفعل، ضرورة أنه لا منافاة بين ما يكون الشئ من قبيل الفعل الصادر بالاختيار، ولا يكون من مقولته، للفرق بين الأمرين، وهو: أن الملاك في كون الفعل اختياريا هو صدوره من الإنسان بالإرادة والاختيار، والملاك في كون الشئ من مقولته: هو أن يكون حصوله بالتأثير على نحو التدريج: كتسخين المسخن ما دام يسخن ونحو ذلك.