وأما المقدمة الثالثة: فالأمر أيضا كما أفاده (قدس سره) والوجه فيه ما تقدم: من استحالة أن يكون لشئ واحد ماهيتان في عرض واحد أو حدان كذلك.
نعم، يمكن أن يكون له ماهيات طولا باعتبار أجناسه العالية والمتوسطة والقريبة، ولكن لا يمكن أن يكون له ماهيتان نوعيتان عرضا، فإن لازم ذلك هو:
أن يكون شئ واحد متفصلا بفصلين يكون كل منهما مقوما له، ومن الواضح استحالة ذلك: كاستحالة دخول شئ تحت مقولتين من المقولات العشرة، ضرورة أن المقولات أجناس عاليات ومتباينات بالذات والحقيقة، فيستحيل اندراج مقولتين منها تحت مقولة واحدة. كما أنه يستحيل أن يكون شئ واحد مندرجا تحت مقولتين منها.
فالنتيجة قد أصبحت لحد الآن: أنه كما يستحيل صدق المقولتين على شئ واحد كذلك يستحيل تفصل شئ واحد بفصلين ولو كانا من مقولة واحدة.
وأما المقدمة الرابعة: - وهي: أن تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون - فغير تامة، وذلك لأن هذه الكبرى لا تصدق إلا على نحو الموجبة الجزئية، ومعها لا تنتج النتيجة المزبورة وهي القول بالامتناع، لفرض أنه (قدس سره) لم يبرهن أن المعنون واحد في جميع موارد الاجتماع، وغاية ما برهن: أن تعدد العنوان لا يقتضي تعدد المعنون. ومن المعلوم أن عدم الاقتضاء أعم من أن يكون واحدا أو متعددا.
فإذا لابد من ملاحظة المجمع في مورد الاجتماع في نفسه، ومجرد تعدد العنوان كما لا يكشف عن تعدد المعنون فيه كذلك لا يكشف عن وحدته، فلا أثر له بالإضافة إلى تعدده ووحدته أصلا.
ومن هنا استشكل شيخنا الأستاذ (1) (قدس سره) بأنها لا تتم على إطلاقها، وذلك لأن العنوانين المنطبقين على شئ في الخارج إن كانا من العناوين الانتزاعية والمفاهيم الاعتبارية التي تنتزع من الجهات التعليلية ولا واقع موضوعي لها فمن الواضح أن تعددها لا يوجب تعدد المعنون أبدا.