متعلقاتها، والإشارة إليها بمقدار الغرض منها والحاجة إليها، لا بما هو هو وبنفسه وعلى استقلاله وحياله (1).
مرد هذه المقدمة: إلى أن الأحكام الشرعية لم تتعلق بالأسماء والألفاظ، ولا بالعناوين الانتزاعية التي لا مطابق لها في الخارج أصلا، وإنما تتعلق تلك الأحكام بأفعال المكلفين الصادرة عنهم خارجا، ضرورة أن الغرض سواء كان مصلحة أو مفسدة أم كان غيرهما لا يترتب على الأسماء والألفاظ المجردة، ولا على العناوين الانتزاعية التي لا واقع موضوعي لها، وإنما يترتب على تلك الأفعال فحسب، وهذا ظاهر.
الثالثة: ما لفظه: أنه لا يوجب تعدد الوجه والعنوان تعدد المعنون، ولا تنثلم به وحدته، فإن المفاهيم المتعددة والعناوين الكثيرة ربما تنطبق على الواحد، وتصداق على الفارد الذي لا كثرة فيه من جهة، بل بسيط من جميع الجهات ليس فيه حيث غير حيث وجهة مغايرة لجهته أصلا: كالواجب تبارك وتعالى فهو على بساطته ووحدته وأحديته تصدق عليه مفاهيم الصفات الجلالية والجمالية، له الأسماء الحسنى والأمثال العليا، لكنها بأجمعها حاكية عن ذاك الواحد الفرد الأحد.
عباراتنا شتى وحسنك واحد * وكل إلى ذاك الجمال يشير (2) ملخص هذه المقدمة: هو أن تعدد العنوان بشتى أنواعه وأشكاله لا يوجب تعدد المعنون في الخارج، ضرورة أنه لا مانع من انطباق عناوين متعددة على معنون واحد خارجا أصلا، ولا يوجب تعدده أبدا: كانطباق عنوان الأب والابن والأخ والزوج والعالم والقادر وما شاكل ذلك على شخص واحد وذات فاردة كزيد مثلا، بل تنطبق على ذات واحدة بسيطة من تمام الجهات كذاته تعالى شأنه، فإن مفاهيم الصفات العليا الذاتية: كالعالم والقادر ونحوهما، والصفات الفعلية:
كالخالق والرازق والمتكلم والمريد وما شاكل ذلك تنطبق على ذاته الأحدية، مع أنها بسيطة في غاية البساطة.