ومن ناحية ثالثة: أن محل النزاع في تلك المسألة إنما هو في الماهيات المتأصلة المقولية.
ومن ناحية رابعة: أنه لا يعقل أن يكون لوجود واحد ماهيتان حقيقيتان أو حدان كذلك، بداهة أن لوجود واحد ماهية واحدة أو حدا كذلك، وهذا واضح.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي: هي أن مسألتنا هذه أجنبية عن تلك المسألة بالكلية، ولا تبتنى عليها أصلا، وذلك لأن المجمع إذا كان له وجود واحد فلا محالة يكون له ماهية واحدة أو حد كذلك، ولا يعقل أن تكون له ماهيتان حقيقيتان أو حدان كذلك، سواء فيه القول بأصالة الوجود أو أصالة الماهية ولا فرق بينهما من هذه الناحية أبدا، ضرورة أن الوجود الواحد لا يعقل أن يكون وجودا لماهيتين متباينتين، كيف؟ فإنه إن كان وجودا لهذه الماهية فلا يمكن أن يكون لتلك، وبالعكس.
وأما إذا فرض أن للمجمع في مورد الاجتماع وجودين فلا محالة تكون له ماهيتان، بداهة أن لكل وجود ماهية واحدة، فلا يعقل أن تكون الماهية الواحدة ماهية لوجودين، وعليه، فلا مناص من القول بالجواز بناء على ما هو الصحيح من عدم سراية الحكم من أحد المتلازمين إلى الملازم الآخر. ومن الواضح أنه لا فرق في ذلك بين القول بأصالة الوجود في تلك المسألة وأصالة الماهية فيها.
فالنتيجة: أن المفروض في المسألة بما أن المطابق في مورد الاجتماع واحد، سواء أكان ذلك المطابق مطابقا للماهية بالذات وللوجود بالعرض، بناء على أصالة الماهية أم كان بالعكس، بناء على أصالة الوجود فلا يعقل فيه اجتماع الأمر والنهي وهذا واضح.
ومن هنا يظهر فساد ما ذكر في الفصول أيضا: من ابتناء القول بالجواز والامتناع على تعدد وجود الجنس والفصل وعدمه، بدعوى: أن مورد الأمر إذا كان الماهية الجنسية ومورد النهي الماهية الفصلية: فإن كانت الماهيتان متحدتين في الخارج وموجودتين بوجود واحد فلا مناص من القول بالامتناع، وإن كانتا