فالنتيجة على ضوء ذلك هي: أنه لا إشكال في أنه لا ينطبق الواجب على المجمع بناء على تقديم جانب الحرمة، فلا يسقط الأمر به بإتيان المجمع، حتى إذا كان توصليا مع العلم بحرمته أو مع الجهل بها، إلا إذا علم من الخارج وفاؤه بالغرض، وعلى ذلك يترتب فساد الإتيان بالمجمع: كالصلاة في الدار المغصوبة مع العلم بمبغوضيته وحرمته، بل مع الجهل بها ولو كان عن قصور، ضرورة استحالة أن يكون الحرام مصداقا للواجب، والمفروض أن الجهل بالحرمة لا يوجب تغيير الواقع وإن كان عن قصور، والعلم بوجوبه لا يوجب الأمر به في الواقع وارتفاع حرمته، فإذا كيف يمكن الحكم بالصحة في فرض الجهل بها عن قصور؟
وإن شئت فقل: إن صحة العبادة ترتكز على ركيزتين:
الأولى: تحقق قصد القربة.
الثانية: كون الفعل في نفسه محبوبا وقابلا للتقرب به، ومع انتفاء إحدى هاتين الركيزتين لا تقع العبادة صحيحة، ضرورة أن الفعل إذا لم يكن محبوبا في نفسه فلا يمكن التقرب به، فضلا عن كونه مبغوضا في الواقع أو لو كان محبوبا كذلك، ولكن المكلف لم يقصد القربة، فحينئذ تقع العبادة فاسدة.
وفيما نحن فيه وإن أمكن تحقق قصد القربة من المكلف باعتبار أنه جاهل بالحرمة إلا أن المجمع لمتعلقي الأمر والنهي في مورد الاجتماع - كالصلاة في الأرض المغصوبة على القول بالامتناع ووحدة المجمع وتقديم جانب الحرمة على جانب الوجوب - لا يكون محبوبا في نفسه وصالحا للتقرب به، لتمحضه في الحرمة والمبغوضية في الواقع.
ومن المعلوم: أن الحرام لا يمكن أن يقع مصداقا للواجب كما هو الحال في بقية موارد التعارض بالعموم من وجه، مثل: ما إذا فرض قيام الدليل على وجوب إكرام العالم وفرض قيامه أيضا على حرمة إكرام الفاسق، فتقع المعارضة بينهما في مورد الاجتماع وهو العالم الفاسق، حيث إن مقتضى إطلاق الدليل الأول وجوب إكرامه، ومقتضى إطلاق الدليل الثاني حرمة إكرامه، فعندئذ لو قدمنا دليل الحرمة