عرفت أنه خلاف مفروض الكلام في المقام، فإن المفروض هو: أنه مغاير لها وجودا، فإن الكلام في المقام مبني على القول بالجواز وتعدد المجمع في مورد الاجتماع وجودا وماهية، فإذا لا محذور أبدا.
ونتيجة ما ذكرناه هي: أنه لا مانع من الحكم بصحة العبادة في مورد الاجتماع من ناحية الترتب.
ولو تنزلنا عن ذلك أيضا وسلمنا أنه لا يمكن تصحيح العبادة هنا بالترتب إلا أنه لا مانع من الحكم بصحتها من ناحية الملاك على وجهة نظره (قدس سره) من تسليم اشتمالها على الملاك، وذلك لأن ما أفاده (قدس سره) من أن الملاك في المقام لا يكون مقربا من جهة القبح الفاعلي غير تام.
والوجه فيه ما ذكرناه غير مرة: من أن الإيجاد عين الوجود في الخارج ذاتا وحقيقة، والاختلاف بينهما إنما هو في الإضافة، فالشئ الواحد باعتبار إضافته إلى الفعل وجود، وباعتبار إضافته إلى الفاعل إيجاد، ويترتب على ذلك: أن الوجود إذا كان متعددا في الخارج فلا محالة يكون الإيجاد أيضا متعددا فيه، ولا يعقل أن يكون واحدا، وبما أن الوجود في مورد الاجتماع متعدد خارجا كما هو المفروض في المقام فلا محالة يكون الإيجاد أيضا كذلك، بمعنى: أن المأمور به كما أنه مغاير للمنهي عنه وجودا كذلك مغاير له إيجادا.
وعليه، فيكون إيجاد المأمور به بما هو محبوبا للمولى، وليس فيه أي قبح أصلا، والقبيح إنما هو إيجاد المنهي عنه فحسب، والمفروض أن قبحه لا يسري إليه، فإذا لا مانع من التقرب به من ناحية اشتماله على الملاك وإن كان إيجاده في الخارج ملازما لإيجاد قبيح ومبغوض فيه، إلا أنه لا يمنع من التقرب به أصلا، لفرض أن الفعل في نفسه صالح للتقرب به من جهة اشتماله على الملاك، وإيجاده في الخارج لا يكون قبيحا ومبغوضا عليه، والقبيح إنما هو إيجاد أمر آخر مغاير له، وهو إيجاد المنهي عنه، غاية الأمر أنه ملازم له خارجا. ومن المعلوم أن مجرد ملازمته له لا يمنع عن الصحة. وعلى هذا فلا قبح فعلي ولا فاعلي.