فإنه إنما يتم فيما إذا لم تكن مزاحمة بين الحكمين، أو كانت مزاحمة ولكن كان الحرام أهم من الواجب أو محتمل الأهمية. وأما إذا كان الواجب أهم منه أو محتمل الأهمية فلا معصية أصلا.
وأما النقطة الثانية: فقد تقدم أن أساس القول بالامتناع في هذه المسألة هو:
اتحاد متعلقي الأمر والنهي في مورد الاجتماع، وعلى هذا - فلا محالة - تقع المعارضة بين دليليهما، لاستحالة أن يكون شئ واحد مأمورا به ومنهيا عنه معا.
فإذا لابد من الرجوع إلى قواعد ومرجحات باب المعارضة.
وعليه: فإن قدمنا دليل الأمر على دليل النهي ترجيحا أو تخييرا على القول به فلا إشكال في صحة العبادة بإتيان المجمع، فإنه على هذا مصداق للمأمور به فحسب، ولا يكون بمنهي عنه في شئ.
وإن قدمنا دليل النهي على دليل الأمر فلا يصح الإتيان بالمجمع عندئذ، لفرض أنه منهي عنه فعلا، ويستحيل أن يكون مصداقا للمأمور به، ضرورة أن الحرام لا يعقل أن يكون مصداقا للواجب، فيقيد إطلاق دليل الواجب بغير ذلك الفرد، من دون فرق في ذلك بين أن يكون الواجب توصليا أو تعبديا، ضرورة استحالة أن يكون المحرم مصداقا له مطلقا، فإن الفرق بينهما في نقطة واحدة، وهي: اعتبار قصد القربة في الواجب العبادي دون التوصلي.
فإذا لا يصح الإتيان بالمجمع في مورد الاجتماع في التوصليات فضلا عن العباديات، لفرض تقييد المأمور به بغير هذا الفرد، فلا يكون هذا الفرد مصداقا له ليكون الإتيان به مجزيا، فإن إجزاء غير المأمور به عن المأمور به يحتاج إلى دليل، وإلا فمقتضى القاعدة عدم الإجزاء، ولا فرق من هذه الناحية بين التوصلي والتعبدي أصلا.
نعم، قد يعلم من الخارج أن الغرض من الواجب التوصلي يحصل بمطلق وجوده في الخارج ولو في ضمن فرد محرم، وذلك كإزالة النجاسة عن البدن أو الثوب، فإن الغرض من وجوبها حصولها في الخارج وتحققها فيه ولو كان بماء مغصوب.