على دليل الوجوب في مورد الاجتماع لخرج مورد الاجتماع - وهو إكرام العالم الفاسق - عن كونه مصداقا للواجب واقعا، سواء كان المكلف عالما بالحرمة أو بموضوعها، أم كان جاهلا بها كذلك عن قصور أو تقصير، ضرورة أن الواقع لا يتغير بواسطة جهل المكلف به والاعتقاد بخلافه، لما ذكرناه غير مرة: من أن فعلية الأحكام في الواقع تابعة لفعلية موضوعاتها، ولا دخل لعلم المكلف بها وجهله (1)، وهذا واضح.
وكذا الحال فيما نحن فيه، فإنه بناء على تقديم جانب الحرمة على جانب الوجوب في مورد الاجتماع: كالصلاة في الدار المغصوبة - مثلا - فالمجمع متمحض - عندئذ - في الحرمة والمبغوضية بحسب الواقع، ولا يعقل - حينئذ - أن يكون مصداقا للمأمور به والواجب وإن فرض أن المكلف جاهل بحرمته جهلا عن قصور، غاية الأمر: أن جهله بها كذلك يوجب كونه معذورا وغير مستحق للعقاب على ارتكاب الحرام في الواقع، هذا بناء على وجهة نظرنا: من أن هذه المسألة على القول بالامتناع تدخل في كبرى باب التعارض، فتجري عليه أحكامه.
ولكن يمكن لنا المناقشة فيه على وجهة نظره (قدس سره) أيضا، ببيان: أن قصد الملاك، إنما يكون مقربا فيما إذا لم يكن مزاحما بشئ، ولا سيما إذا كان أقوى منه كما هو المفروض في المقام. وأما الملاك المزاحم فلا يترتب عليه أي أثر، ولا يكون قصده مقربا، بناء على ما هو الصحيح من تبعية الأحكام للجهات الواقعية لا للجهات الواصلة. وبما أن في مفروض الكلام ملاك الوجوب مزاحم بملاك الحرمة في مورد الاجتماع فلا يكون صالحا للتقرب به.
وعلى هذا، فلا يمكن الحكم بصحة العبادة في مورد الاجتماع على هذا القول، أي: القول بالامتناع، لا من ناحية الأمر وانطباق المأمور به بما هو على المأتي به في الخارج، ولا من ناحية الملاك لفرض أنه مزاحم بما هو أقوى منه.
وأما النقطة الثالثة فيردها: أن العقل يرى التفاوت بين هذا الفرد وبقية الأفراد،