عن تقصير من ناحية أخرى فلا يكون صدوره منه حسنا، بل يكون قبيحا ومبغوضا، فإذا لا يمكن الحكم بصحة العبادة الفاقدة لتلك الركيزة.
وأما على الثاني فتكون صحيحة، وذلك لتوفر تلك الركائز فيه.
أما الركيزة الأولى: فلأن الفعل من ناحية اشتماله على الملاك قابل للتقرب به، والجهل بالحرمة بما أنه كان عن قصور فهو مانع عن فعلية الحرمة. ومن الواضح أن الحرمة غير الفعلية لا تمنع عن صحة العبادة وقابليتها للتقرب.
وأما الركيزة الثانية: فالمفروض أن المكلف متمكن من قصد القربة في هذا الحال.
وأما الركيزة الثالثة: فبما أن جهله كان عن قصور فلا محالة لا يكون صدور الفعل منه قبيحا، فإذا لا مانع من الحكم بصحة العبادة في هذا الفرض وإن لم يتحقق عنوان الامتثال، فإن عنوان الامتثال إنما يصدق فيما إذا كان المأتي به مما تعلق به الأمر، لا فيما إذا كان الحكم بصحته من جهة محبوبيتها كما في المقام. وقد ذكرنا: أن سقوط الأمر لا يدور مدار حصول الامتثال، بل هو يدور مدار حصول الغرض (1). ومن هنا ذكرنا في بحث التعبدي والتوصلي: أن صحة العبادة لا تتوقف على قصد الأمر فحسب، بل يكفي في صحتها إتيانها بقصد محبوبيتها، أو اشتمالها على الملاك أو نحو ذلك (2).
الثالثة: أنه يمكن أن يقال بحصول الامتثال في المقام حتى بناء على تبعية الأحكام لجهات المصالح والمفاسد في الواقع، لا للجهات المؤثرة فيها فعلا، وذلك لأن العقل لا يرى تفاوتا بين هذا الفرد وبقية الأفراد في الوفاء بغرض الطبيعة المأمور بها، فكما أنه يحصل الامتثال بإتيان غيره من أفراد هذه الطبيعة فكذلك يحصل بإتيانه، فلا فرق بينهما بنظر العقل من هذه الناحية أصلا.
الرابعة: أن عدم انطباق الطبيعة المأمور بها بما هي على هذا الفرد يرتكز على تزاحم جهات المصالح والمفاسد في مقام تأثيرها في الأحكام الواقعية، فإنه