ولو تنزلنا عن ذلك أيضا وسلمنا أن التكليف يقتضي كون متعلقه خصوص الحصة المقدورة دون الأعم فمع ذلك لا يتم ما أفاده (قدس سره) من عدم انطباق الطبيعة المأمور بها على هذا الفرد، وذلك لفرض أن الصلاة في الدار المغصوبة غير متحدة مع الغصب خارجا، وأن التركيب بينهما انضمامي لا اتحادي كما هو أساس هذا القول. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنها مقدورة عقلا وشرعا: أما عقلا فواضح. وأما شرعا فلفرض عدم انطباق كبرى الممنوع الشرعي كالممتنع العقلي على المقام، وذلك لفرض أن الصلاة ليست ممنوعة شرعا، وأنها سائغة في نفسها ومقدورة تشريعا، والممنوع الشرعي هو: ما إذا كان الشئ في نفسه ممنوعا ومنهيا عنه شرعا، أو كانت له مقدمة محرمة وإن لم يكن في نفسه محرما. وأما إذا لم يكن هذا ولا ذاك فلا مانع من كونه مصداقا للمأمور به وفردا له. وبما أن الصلاة في الدار المغصوبة على هذا القول - أي: القول بالجواز - ليست بمحرمة على الفرض ولا لها مقدمة محرمة - غاية الأمر أن إيجادها فيها ملازم لإيجاد الحرام - فلا مانع من كونها مصداقا للمأمور به، ولا مانع من انطباق الصلاة المأمور بها بما هي عليها. ومجرد ملازمة وجودها في الخارج لوجود الحرام لا يمنع عن ذلك بعد فرض أن وجودها مغاير لوجود الحرام خارجا.
فالنتيجة: أنه لو سلمنا اختصاص التكليف بخصوص الحصة المقدورة فمع ذلك لا مانع من الحكم بصحة العبادة في مورد الاجتماع، لفرض أنها مقدورة عقلا وشرعا، ومعه - لا محالة - تنطبق الطبيعة المأمور بها عليها. وما ذكره (قدس سره) من الكبرى وهي: أن الممنوع الشرعي كالممتنع العقلي لا ينطبق على ما نحن فيه.
ثم إنه لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا أنه لا يمكن تصحيح العبادة في مورد الاجتماع من هذه الناحية - أي: من ناحية انطباق الطبيعة المأمور بها على هذا الفرد - ولكن يمكن تصحيحها من ناحية الالتزام بالترتب.
وأما ما أفاده (قدس سره): من أن الترتب لا يعقل في المقام بدعوى: أن عصيان النهي