وصحيحة محمد بن مسلم، قال: سألته عن الجلد الميت أيلبس في الصلاة إذا دبغ؟ (1) قال (عليه السلام): " لا، ولو دبغ سبعين مرة ".
وصحيحة محمد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الميتة، قال: " لا تصل في شئ منه حتى في شسع " (2).
وقوله (عليه السلام): " لا تصل فيه حتى تغسله " (3). وما شاكل ذلك من الروايات، فإن هذه الروايات وإن كانت واردة بصورة النهي إلا أنها - في الحقيقة - إرشاد إلى مانعية تلك الأمور عن الصلاة وتقيد الصلاة بعدمها، لأجل مصلحة كانت في هذا التقييد، لا لأجل مفسدة في نفس تلك الأمور حال الصلاة، ضرورة أنه ليس لبس ما لا يؤكل أو الميتة أو النجس في الصلاة من المحرمات في الشريعة المقدسة.
نعم، الإتيان بالصلاة عندئذ بقصد الأمر تشريع ومحرم، وهذا خارج عن محل الكلام، فإن الكلام في حرمة هذه القيود، لا في حرمة الصلاة، على أن الكلام في الحرمة الذاتية، لا في الحرمة التشريعية، والفرض: أن هذه الحرمة حرمة تشريعية.
فإذا لا يمكن أن تكون هذه النواهي ناشئة عن وجود مفسدة ملزمة فيها.
وعلى الجملة: ففي أمثال هذه الموارد ليس في الواقع وعند التحليل العلمي إلا اعتبار الشارع تقييد الصلاة بعدم تلك الأمور من جهة اشتمال هذا التقييد على مصلحة ملزمة وإبراز ذلك الاعتبار في الخارج بمبرز كهذه النواهي أو غيرها.
ومن هنا تدل تلك النواهي على مطلوبية هذا التقييد ومانعية تلك الأمور عن الصلاة، ضرورة أنا لا نعني بالمانع إلا ما كان لعدمه دخل في المأمور به، وهذا معنى كون هذه النواهي إرشادا إلى مانعية هذه الأمور وتقيد الصلاة بعدمها، هذا كله فيما إذا كان الترك مأمورا به بالأمر الضمني.
وقد يكون الترك مأمورا به بالأمر الاستقلالي، بأن يعتبره المولى على ذمة المكلف باعتبار اشتماله على مصلحة ملزمة، ويبرزه في الخارج بمبرز، سواء كان