على مصلحة إلزامية ويبرزه في الخارج بمبرز - كصيغة الأمر أو ما شاكلها - قد يعتبر الترك على ذمته باعتبار قيام مصلحة لزومية فيه ويبرزه في الخارج بمبرز ما، سواء كان إبرازه بقول أم بفعل، وسواء كان بصيغة الأمر وما شابهها أم بصيغة النهي، ضرورة أن اختلاف أنحاء المبرز - بالكسر - لا يوجب الاختلاف في المبرز - بالفتح - أصلا فإنه واحد، وهو اعتبار المولى الترك في ذمته، كان مبرزه قولا أو فعلا، كان بصيغة الأمر أو النهي، وهذا واضح.
ونتيجة ذلك: هي أن الأمر ناش عن قيام مصلحة إلزامية في متعلقه، سواء أكان متعلقه فعل شئ أم تركه، كما أن النهي ناش عن قيام مفسدة إلزامية في متعلقه كذلك.
والسر فيه: ما عرفت من أن حقيقة الأمر هو اعتبار المولى الشئ على ذمة المكلف من جهة وجود مصلحة ملزمة فيه. ومن المعلوم أنه لا يفرق بين اعتباره فعل شئ على ذمته أو تركه، كما أنه لا يفرق بين أن يكون مبرز ذلك الأمر الاعتباري في الخارج فعلا أو قولا. وحقيقة النهي اعتباره حرمان المكلف عن الشئ باعتبار وجود مفسدة ملزمة فيه. ومن الواضح جدا أنه لا يفرق بين اعتباره حرمانه عن فعل شئ، أو اعتباره حرمانه عن ترك شئ.
وقد تحصل من ذلك، أن هذا هو الميزان الأساسي لتمييز حقيقة النهي عن حقيقة الأمر، وليست العبرة في ذلك بالمبرز - بالكسر - أصلا، ضرورة أنه لا شأن له ما عدا إبرازه عن واقع الأمر وواقع النهي، ولا خصوصية له أبدا.
وعلى ضوء هذا البيان يظهر حال النواهي الواردة في أبواب العبادات:
منها: ما ورد في خصوص باب الصلاة كموثقه سماعة، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن جلود السباع؟ فقال: " اركبوها ولا تلبسوا شيئا منها تصلون فيه " (1) وما شاكلها من الروايات الدالة على ذلك.