ذلك، وحيث إنه لا قرينة على تقييده بخصوص حصة خاصة فلا محالة قضية الإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة هي إرادة الجميع، فإن الإطلاق في مقام الإثبات كاشف عن الإطلاق في مقام الثبوت بقانون تبعية المقام الأول للثاني.
وأما في مثل قولنا: " جئني بماء " فتنتج المقدمات الإطلاق البدلي، مع أن كلمة " ماء " في كلا الموردين قد استعملت في معنى واحد، وهو الطبيعي الجامع، ولكن خصوصية تعلق الحكم بهذا الطبيعي على الأول تقتضي كون نتيجة الإطلاق الثابت. بمقدمات الحكمة شموليا، وخصوصية تعلقه به على الثاني تقتضي كون نتيجته بدليا.
وكذا نتيجة مقدمات الحكمة في مثل قوله تعالى: " أحل الله البيع " (1)، و " تجارة عن تراض " (2) و " أوفوا بالعقود " (3) وما شابه ذلك شموليا، باعتبار أن جعل الحكم لفرد ما من البيع أو التجارة أو العقد في الخارج لغو محض، فلا يترتب عليه أي أثر. ومن المعلوم أنه يستحيل صدور مثله عن الحكيم، فإذا لا محالة: إما أن يكون الحكم مجعولا لجميع أفراد تلك الطبائع في الخارج من دون ملاحظة خصوصية في البين، وإما أن يكون مجعولا لحصة خاصة منها دون أخرى.
وبما أن إرادة الثاني تحتاج إلى نصب قرينة تدل عليها - والمفروض أنه لا قرينة في البين - فإذا مقتضى الإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة هو: إرادة جميع أفراد ومصاديق هذه الطبائع.
وهذا بخلاف نتيجة تلك المقدمات في مثل قولنا: " بع دارك " - مثلا - أو " ثوبك " أو ما شاكل ذلك، فإنها في مثل هذا المثال بدلي لا شمولي، مع أن كلمة " بيع " في هذا المثال والآية الكريمة قد استعملت في معنى واحد، وهو الطبيعي الجامع، ولا تدل في كلا الموردين إلا على إرادة تفهيم هذا الجامع، ولكن لخصوصية في هذا المثال كان مقتضى الإطلاق فيه بدليا، وهذه الخصوصية هي: