الملازمة بين وجوب شئ ووجوب مقدمته ثابتة فهي من الأزل، وإن لم تكن ثابتة فكذلك، ومن الطبيعي أن ذلك لن يدع مجالا للأصل في المقام.
وأما في المسألة الفرعية فقد أفاد (قدس سره): أنه لا مانع من الرجوع إلى أصالة عدم وجوب المقدمة، بتقريب أنها قبل إيجاب الشارع الصلاة - مثلا - لم تكن واجبة، لفرض عدم وجوب ذيها، وبعد إيجابها شك في وجوبها، ومعه لا مانع من الرجوع إلى استصحاب عدم الوجوب أو أصالة البراءة عنه (1).
ولنأخذ بالنظر إلى ما أفاده (قدس سره):
أما ما أفاده بالإضافة إلى المسألة الأصولية: من أنه لا أصل فيها متين جدا، ولا مناص عنه كما عرفت.
وأما ما أفاده بالإضافة إلى المسألة الفرعية من وجود الأصل فيها فإنه قابل للمؤاخذة، وذلك لأن الأصل فيها لا يخلو من أن يكون البراءة، أو الاستصحاب، والأولى لا تجري بكلا قسميها.
أما العقلية فلأنها واردة لنفي المؤاخذة والعقاب، والمفروض أنه لا عقاب على ترك المقدمة وإن قلنا بوجوبها، والعقاب إنما هو على ترك الواجب النفسي.
وأما الشرعية فبما أنها وردت مورد الامتنان فيختص موردها بما إذا كانت فيه كلفة على المكلف ليكون في رفعها بها امتنانا، والمفروض أنه لا كلفة في وجوب المقدمة، حيث لا عقاب على تركها، على أن العقل يستقل بلزوم الإتيان بها لتوقف الواجب عليها، سواء أقلنا بوجوبها أم لم نقل، فإذا أي أثر ومنة في رفع الوجوب عنها بعد لا بدية الإتيان بها على كل تقدير؟
والثاني - وهو الاستصحاب - فأيضا لا يجري، لأن موضوعه وإن كان تاما إلا أنه لا أثر له بعد استقلال العقل بلزوم الإتيان بها.