والسبب في ذلك: هو أنه مستلزم إما لطلب الحاصل أو جواز تفويت الواجب مع الاختيار، وكلاهما محال (1).
بيان ذلك: أما الأول: فلأن وجوب ذي المقدمة مشروط بالقدرة عليه، وهي تتوقف على جواز مقدمته شرعا، وهو يتوقف على الإتيان بالواجب، لفرض أن المقدمة غير الموصلة محرمة، ونتيجة ذلك: هي أن وجوب ذي المقدمة يتوقف على الإتيان به.
وأما الثاني: فلما عرفت من أن جواز المقدمة مشروط بالإتيان بذيلها، وإلا لكانت المقدمة محرمة، ومع حرمتها لا يكون الواجب مقدورا، ولازم ذلك جواز ترك الواجب اختيارا وبلا عصيان ومخالفة، لفرض أن تحصيل القدرة غير لازم.
وعلى الجملة: أن وجوب الواجب النفسي مشروط بالقدرة عليه، وهي تتوقف على التمكن من المقدمة عقلا وشرعا، وبما أن التمكن منها شرعا في المقام منوط بإتيان الواجب النفسي فمع عدمه لا يكون متمكنا منها، ومع عدم التمكن لا بأس بترك الواجب اختيارا وعمدا.
وغير خفي أن ما أفاده (قدس سره) مبني على الخلط بين كون الإيصال قيدا لجواز المقدمة ووجوب ذيها، وبين كونه قيدا للواجب، فلو كان الإيصال من قبيل الأول تم ما أفاده (قدس سره)، إلا أن الأمر ليس كذلك، فإنه قيد للواجب، وعلى هذا فلا يكون جواز المقدمة مشروطا بالإيصال الخارجي ووجود الواجب النفسي، بل الجواز تعلق بالمقدمة الموصلة، والمفروض تمكن المكلف منها، ومع هذا بطبيعة الحال لا يجوز له ترك الواجب، فلو ترك استحق العقاب عليه، لفرض قدرته عليه فعلا من ناحية قدرته على مقدمته الموصلة كذلك.
فالنتيجة: أن ما أفاده (قدس سره) خاطئ جدا.