ومن ناحية أخرى: أنه بناء على الملازمة المزبورة هل الواجب مطلق المقدمة، أو خصوص حصة خاصة منها؟
وعلى الثاني اختلفوا في اعتبار الخصوصية فيها على أقوال:
أحدها: ما عن صاحب المعالم (قدس سره) من اشتراط وجوب المقدمة بالعزم والإرادة على إتيان ذيها (1).
وثانيها: ما نسب إلى شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره) من: أن الواجب هو المقدمة التي قصد بها التوصل إلى الواجب، والفرق بين هذا القول والقول الأول في نقطة واحدة، وهي: أن القصد على القول الأول قيد للوجوب، وعلى هذا القول قيد للواجب (2).
وثالثها: ما عن صاحب الفصول من أن الواجب هو خصوص المقدمة الموصلة دون غيرها (3). وبعد ذلك نتكلم حول تلك الأقوال وبيان ما فيها من النقد والإشكال.
أما القول الأول: فهو خاطئ جدا، ولا يرجع إلى معنى محصل أصلا، وذلك لأن لازم هذا القول أحد محذورين: إما التفكيك بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها، وهو خلف بناء على الملازمة كما هو المفروض. وإما لزوم كون وجوب ذي المقدمة تابعا لإرادة المكلف ودائرا مدار اختياره وعزمه، وهو محال، بداهة أن لازم ذلك عدم الوجوب عند عدم الإرادة.
وأما القول الثاني: فقد أورد عليه المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) بما حاصله: هو أن ملاك وجوب المقدمة بناء على حكم العقل بالملازمة بينه وبين وجوب ذيها هو توقف الواجب النفسي عليها، وتمكن المكلف من الإتيان بها على إتيان ذيها.
ومن المعلوم أن هذا الملاك مشترك فيه بين المقدمات بشتى أشكالها، بلا اختصاص له بحصة خاصة منها دون حصة أخرى. ومن هنا لو جاء المكلف بالمقدمة بدون قصد التوصل بها لكان مجزيا إذا لم تكن عبادة، وهذا دليل قطعي