بالاستحقاق. وذهب جماعة منهم: المفيد (قدس سره) إلى أنه بالتفضل بدعوى: أن العبد ليس أجيرا في عمله للمولى ليستحق الثواب عليه، وإنما جرى ومشى على طبق وظيفته ومقتضى عبوديته ورقيته، ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتفضل عليه بإعطاء الثواب والأجر (1).
والصحيح في المقام أن يقال: إن أراد القائلون بالاستحقاق أن العبد بعد قيامه بامتثال الواجب وإظهار العبودية والرقية يستحق على المولى الثواب - كاستحقاق الأجير للأجرة على المستأجر بحيث لو لم يقم المولى بإعطاء الثواب له لكان ذلك ظلما منه - فهو مقطوع البطلان، بداهة أن إطاعة العبد لأوامر مولاه ونواهيه جرى منه على وفق وظيفته ورسم عبوديته ورقيته، ولازمة بحكم العقل المستقل، ولا صلة لذلك بباب الإجارة أبدا، كيف؟ فإن مصالح أفعاله ومفاسدها تعودان إليه لا إلى المولى.
ومن ذلك يظهر حال التوبة، فإن ما ورد من " أن التائب عن ذنبه كمن لا ذنب له " (2) ليس معنى هذا أن التائب يستحق الغفران على المولى كاستحقاق الأجير للأجرة بإتيان العمل المستأجر عليه، لوضوح أن التوبة مقتضى وظيفة العبودية، ومن هنا يستقل العقل بها، حيث إن حقيقتها رجوع العبد إلى الله تعالى، وخروجه عن التمرد والعصيان، ودخوله في الإطاعة والإحسان.
وإن أرادوا بذلك أن العبد بقيامه بامتثال أوامر المولى ونواهيه يصير أهلا لذلك فلو تفضل المولى بإعطاء الثواب له كان في محله ومورده فهو متين جدا ولا مناص عنه، والظاهر بل المقطوع به أنهم أرادوا بالاستحقاق هذا المعنى. وعلى هذا الضوء فقد أصبح النزاع المزبور لفظيا كما لا يخفى.